مأذون الأقباط هو الحل

90

د.مرفت النمر تكتب:

تثير الأزمة المتصاعدة بين الكنيسة القبطية وأتباعها من طالبى الطلاق والتصريح لهم بالزواج الثانى الكثير من علامات الاستفهام فى ظل صدور العديد من الأحكام القضائية لصالح هؤلاء وهو ما رفضته الكنيسة بحجة أن تلك الأحكام جاءت متعارضة مع ما نص عليه الكتاب المقدس فى هذا الخصوص وبين إصرار أصحاب المشكلة على إيجاد حلول من قبل الكنيسة من جانب وتعنت الكنيسة على الجانب الأخر لتندلع المواجهات بين الطرفين على فترات متباعدة و تفشل الدولة فى نزع فتيل الأزمة  عن طريق إصدار فانون للأحوال الشخصية يتوافق من حوله الجميع و تشهد الكاتدرائية المرقسية بالعباسية حركاً غير عادى فى محاولة لرأب الصدع أو لو جاز التعبير محاولة لإذعان القيادات المتمردة التى تتصدر المشهد عن طريق توفيق أوضاعهم سراً و بشكل فردى.

والمدقق فى المشهد جيداً يظهر له وبوضوح لا تخطئة العين أن المشكلة فى أساسها سببها قديم وموروث حيث انه قد تم الخلط بين ما هو دينى وما هو مدنى فالزواج هو حق طبيعى لكل فرد والحقوق تلتزم بها الدولة فى مواجهة مواطنيها ولا يجوز أن تفوض الدولة صلاحيتها الى أى جهات أخرى بما يخل بقوانين هذه الدولة وهو ما حدث حين فوضت الدولة الكنيسة فى أبرام عقود زواج رعاياها وكان من المفترض ان تقوم الكنيسة بهذا الإجراء وفق القواعد المدنية المتبعة فى ذلك و ألا يتعدى دور الكاهن المحرر لعقد الزواج دور الموثق لا المشرع و المتحكم فى شروط العقد و هو ما يجعل العقد الموثق كنسياً ليس إلا فرض سيطرة من قبل الكنيسة تزعن له الدولة صاغرة  ووضعت الكنيسة  شروطها الخاصة فى إبرام تلك العقود وإبطالها دون ان تعترض الدولة أو تحاول تصحيح هذا الخطأ وهكذا أختلط الحق المدنى بما أقرته الكنيسة من طقوس وعبادات وهنا ظهرت المشكلة فلا الجهة المدنية منفردة قادرة على وضع حلول للمشكلة ولا الكنيسة كجهة دينية منفردة قادرة على ذلك وتاه أصحاب المشاكل بين الجهتين فالقضاء لا يستطيع إجبار الكنيسة على تنفيذ أحكامه و الكنيسة لم تحاول تأويل النص الدينى لصالح البشر .

من هنا نجد أنه لابد من فض هذا الاشتباك بين الجهة الإدارية والمدنية وبين الكنيسة وإرجاع الأمور الى طبيعتها حتى لا تمتهن القوانين و الأحكام القضائية ولا تجبر الكنيسة على مخالفة ما تراه مقدساً ونقترح ان يكون ذلك على النحو التالى :

ــ إلغاء توثيق عقود الزواج والطلاق بالنسبة للأقباط داخل الكنائس وان تلغى كل دفاتر التوثيق الموجودة بها فالكنيسة مؤسسة دينية ليس من بين مهامها القيام بإعمال أدارية من اختصاص الدولة

ــ يتم توثيق عقود الزواج للأقباط بنظام المأذون كما هو متبع مع المسلمين ووفق نفس الضوابط فالمأذون ليس رجل دين ولكنه مفوض بالتوثيق ولا ضير فى ان يكون هناك مأذوناً خاصاً بالأقباط فى كل دائرة أدارية كما هو معمول به ويختص هذا المأذون بإبرام عقود الزواج والطلاق وتوثيقها وينعقد الزواج قانوناً بانعقاد العقد وما يترتب عليه من حقوق وواجبات قبل الطرفين

ــ يتوقف دور الكنيسة هنا على منح البركات وأجراء الطقوس لتلك الزيجات التى تمت بمقتضى القانون وهنا يكون للكنيسة مطلق الحرية فى ان تمنح من تشاء بركاتها وأن تحجب تلك البركات عن من ترى انه لا يستحقها ووفقاً لعقيدتها وما تراه يتماشى مع نصوص الكتاب المقدس، وقيام الكنيسة بالطقس الدينى من عدمة لن يترتب عليه هنا أى زيادة فى الحقوق او إنتقاص منها

ــ لا يجوز إلزام الكنيسة قضائياً بإجراء طقوس الزواج لأشخاص ترفض الكنيسة إجراء تلك الطقوس لهم فالأقباط هم جماعة من الشعب ارتضت لها عقيدة بعينها ووكلت أشخاص بعينهم فى القيادة الدينية للجماعة تلك القيادة تخضع لها الجماعة خضوعاً رضائياً ولا يجوز الخروج عليها وفقاً لما اتفقت عليه تلك الجماعة ومن ينضم الى عضوية الجماعة يعرف قوانينها وأحكامها ومن ثم فالخروج عن قيادة تلك الطائفة هو خروج من الجماعة دينياً ومن ثم لا يكون لمن خارج الجماعة المطالبة بأى حقوق داخلها

وأخيرا تلك الرؤية أطرحها للنقاش المجتمعى وأرى انها أسهل وأنسب الطرق لحل مشكلة تخص ألاف الاشخاص و تؤرق الكنيسة وشعبها ولا تحتاج الى إصدار قوانين أو قرارات ولكنها تحتاج الى أعادة الشئ لأصلة

تعليقات الفيسبوك

أترك تعليقك