مئوية البابا شنودة الثالث حكيم الزمان 3ـ7عبقرية المواجهات

90

د.مرفت النمر تكتب:

لم تخلو حياة البابا شنودة  اليومية على مدى سنين حياته من بدعة هنا أو هرطقة هناك أو شطط عقائدي او هوس تفسيري  وكان البابا شنودة يدرك جيدا أن الكنيسة ليست الهدف الأكبر لتلك الحروب التي تبدو في ظاهرها دينية ولكن كانت الحقيقة إن هناك مخططات دولية تسعى الى اختراق الكنسية كبوابة لاختراق مصر تلك المخططات التي برع البابا في مواجهتها و احباطها قبل ان تتوغل الى داخل الكنيسة والوطن 

الانحرافات الفكرية

إن التوهج الذى شهدته الكرازة المرقسية من انتشار عالمي ومسكوني على أيدى البابا شنودة الثالث أوغر صدر المعادين ضد الكنيسة الوطنية المصرية  فأصبح هؤلاء لا شاغل لهم سوى التندر و التنطع على العقيدة بكل مشتملاتها وطبعاً لا يفوت هؤلاء تسريب معتقدات خاطئة لتشتيت الأقباط وضرب وحدة الوطن الإيمان المستقيم والقضاء عليه وما تكاد تلك الانحرافات الفكرية تظهر حتى يطلق الأسد المرقسى زئيره لتهرب مرتعبة  وترتد الى مطلقيها. وسوف نورد فيما يلى بعض لتلك الانحرافات الفكرية ونحللها ونرى كيف تعامل معها الأسد المرقسى البابا شنودة الثالث .

الإلحاد المعاصر 

هناك أوساط أوروبية وأميركية مسيحية وعلمانية يهمها كثيراً ألا تثير اليهود وألا تخالفهم الرأي حول المسيحية  ويذهبون الى  اعتبارها تياراً من التيارات اليهودية و يزعمون فسادها  واعتبر اليهود من أهل البيت المسيحى  بل أصحاب البيت الأصليون وأن المسيحيون دخلاء عليهم  فإنهم هم «الأخوة الابكار» بمعنى انك أنت المسيحي تنتمى الى هذا البيت الواحد ـ اليهودى ـ  و تلك الجماعات تحاول دوماً إظهار اليهود على أنهم الشعب المثالى الذى تعرض للاضطهاد على مر العصور وبالطبع لا ينسى هؤلاء تبرئة اليهود من صلب المسيح وهذا ما ظهر واضحاً وجلياً عند الحملة المضادة التى صاحبت ظهور فيلم «آلام المســيح » لميل جيبسون. وما أتهم به هذا الفيلم  بالعداء للسامية في الولايات المتحدة ورفضته صالات العرض مطلقاً في فرنسا بادعاء أن الفيلم جعل أحبار اليهود مسئولين عن قتل المسيح ” بحسب العقيدة المسيحة ” وأنهم ما كانوا كذلك فإن تكون في الغرب معادياً للسامية فتلك جريمة لا تغتفر إما أن تكون معادياً للمسيحية فأمر فيه نظر

رفض تبرئة اليهود

إن البابا شنودة الثالث يعلم جيداً الهاجس المتصل بقضية تبرئة اليهود من دم المســيح وهو ما طلب اليهود من الكنيسة القبطية بسببه إصدار وثيقة تبرئتهم من صلب المســيح وهو ما وقف له البابا بالمرصاد ورفضه رفضاً تاماً فهو يعلم جيداً قوة نفوذ اللوبى اليهودى فى العالم ومدى انتشاره ولم يكن خافياً عليه أنه سوف يعانى من ذلك فيكفى رفض اليهود تسليم دير السلطان الى الكنيسة القبطية رغم حكم القضاء الإسرائيلي بذلك ولا يخفى عن الأذهان الحملة التى شنها اللوبى اليهودى ضد البابا عالمياً لمنع حصوله على جائزة نوبل للسلام على الرغم من ترشيح العديد من المؤسسات الدولية والعالمية له لنيل هذه الجائزة كل ذلك لم يعنى شيئاً للبابا ويقول البابا” أن الموقف الإنجيلي ما كان موقف قانون جزائي ليبحث عن مسؤولية هذا الفرد أو ذاك وما كان ليورث يهود اليوم مسؤولية قانونية كان موقفاً نبوياً يتكلم فيه الله ضد شعبه ويؤثمه كما أثم هذا الشعب أنبياؤه قديماً كل العهد القديم في الجانب النبوي منه هو تاريخ تأثيم الأنبياء لإسرائيل وما كان مطروحاً موضوع توزيع المسؤولية على أفراد فلماذا ندخل منطق قانون العقوبات؟ وتبرئة اليهود لا تتم بقرار مجمع كنسي القضاء الإلهي وحده يبرئ اليهود وغير اليهود بمن فيهم مسيحيو كل العصور لا براءة لهم إلا إذا أحبوا بعضهم البعض

إن الأمر الملفت هنا ليس موقف اليهود بل هو موقف بعض القائمين على طوائف مسيحية أخرى و تهميش هؤلاء  تراث الكنيسة واعتبارهم الفكر النقدي المغالي والتاريخي الضيق الافتراضي مرجعية المعرفة بحيث لا يبقى من المسيحية إلا بعض حطام وهو اتجاه جديد للترويج للإلحاد و لهؤلاء قال البابا ( الإلحاد ضد الوصية الأولي ، لأنه إنكار لوجود الله و لكن قد لا يقول إنسان ليس إله ، و مع ذلك يكون كالملحدين فقد يصرخ بفمه و يقول” نؤمن بإله واحد ” و لكن كل تصرفاته توحي بأنه لا يشعر بوجود هذا الإله  لا يحس أنه موجود و أنه يري و يسمع و أنه يسجل في سفره إلي أن يحاكم كل إنسان حسبما يكون عمله مثل هذا الإنسان  يكون إيمانه بالله مجرد كلام  أو مجرد إيمان ذهني لا دخل له في حياته العملية  أما المؤمن الحقيقى فهو الذي يجعل الله أمامه في كل حين  مؤمناً أن الله موجود  يذوق الله و ينظره و يتلذذ به   و يعمل كل شئ  و يتكلم كل كلمة كمن يري الله أمامه يرقبه و يحاسبه فيشجعه أو يعاتبه و يكافئه أو يعاقبه هذا المؤمن عملياً هو الذي يختلف عن الملحدين ( الوصايا العشرة ـ قداسة البابا شنودة ـ الجزء الأول ـ 1977 ـ الأنبا رويس ـ القاهرة )

الوثنية وعبادة الشيطان

عبادة الشيطان هي مخطط صهيوني أمريكي لضرب الديانات والقضاء عليها وبدأ هذا المخطط بخلط الاعتقاد بالله الى جانب الاعتقاد بقدرات الشيطان حيث يختلط الإيمان بالله باعتقادات خرافية أو وثنية أو شرك وكلامهم عن الآتي يصاغ  بعبارات غامضة واسعة المدلول  أن مناجاة الأرواح تحرمها المسيحية تحريماً مطلقاً لأن هذا سحر إذ تنسب إلى نفسك قدرة يستأثر الله بها ولقد بدأت تستشرى فى المجتمع عموماً وفى الكنيسة خاصة تلك الاعتقادات وهو ما كان يجب على البابا التصدي لها  ولقد كانت الإشكالية الكبيرة فى هذا الموضوع ليس انتشار هذه الخرافات بقدر دلالة ذلك عن ضعف الايمان فى الله عند ما يمارسون ذلك وفى هذا قال البابا شنودة الثالث ( إن الوثنية ضرب من عبادة و هناك نوعاً من عبادة الشيطان غير السجود للأصنام و هو الثقة بالشيطان و التعاون معه و الالتجاء إليه في حل مشكلات الإنسان أو في معرفة الغيب و هناك أشخاص يسلمون أنفسهم للشياطين في مقابل خدمات معينة تؤديها الشياطين لهم و منهم من يقيم عهداً مع الشيطان و منهم من يرسل الشيطان في مهمة يقضيها له كأن يحضر له شيئاً أو يؤثر علي إنسان معين و بقوة الشيطان يمكن أن تعمل آيات و عجائب  يسمح بها الله  لاختبار المؤمنين و هي غير الآيات و العجائب التي يصنعها القديسون بقوة الله و ينبغي علي المؤمن أن يكون عنده إفراز للتمييز بين الأمرين و كثير من الناس يعملون أشياء مذهلة بالتعاون و التعامل مع الشيطان  و يقولون : فلان معه ” خادم ” يقضي له ما يشاء و الشيطان لا يعمل مجاناً  و إنما له في ذلك مقابل يدفعه المتعامل معه من إيمانه بالله و المتعاملون مع الشياطين علي نوعان نوع يعرف أنه يتعامل مع الشيطان و هناك نوع اَخر ، مخدوع من الشياطين  و اللجوء إلي الشيطان لمعرفة الغيب يتضمن إعطاءه صفة من صفات الله 

تعليقات الفيسبوك

أترك تعليقك