مئوية البابا شنودة الثالث حكيم الزمان 4ـ7العبقرية السياسية

90

د. مرفت النمر تكتب:

لقب البابا شنودة الثالث بالعديد من الألقاب منها البابا المعلم، معلم الأجيال، معلم المسكونة، ذهبي الفم والقلم، كاروز العصر ولكن كان أشهر نلك الألقاب وأحبها الى قلب البابا هو لقب “بابا العرب” فالبابا لم ينسى في يوم ما هويته العروبية بل كان دائما يتفاخر بها وكان منخرطاً في الدفاع عن كل القضايا العربية وخاصة القضية الفلسطينية وقد بدأ مبكراً في تبنى الدفاع عن القضية الفلسطينية وأدانه ما تفعله إسرائيل في الأراضي العربية المحتلة من ممارسات قمعية وتعددت مواقف البابا في المناسبات المختلفة ولكن تلك المواقف لم تخرج يوماً ما عن الاجماع القومي والوطني فاستحق ان تصفه الصحافة العربية بأنه “بابا العرب” و ” بابا المقاومة ” و ” بابا القدس

القضية الفلسطينية 

ألقى البابا سلسلة من المحاضرات الوطنية والتاريخية  نحتت في ذاكرة التاريخ ومنها محاضرته بنقابة الصحفيين يوم 26 يونيو 1966 وكان موضوعها “إسرائيل في رأى المسيحية” ومحاضرة أخرى يوم 5 ديسمبر 1971 موضوعها ” المسيحية وإسرائيل” كذلك ألقى محاضرة يوم 13 مارس 1995 بمقر جامعة الدول العربية بالقاهرة بعنوان ” القدس مدينة السلام” وقام كذلك بتفنيد مفاهيم الصهيونية ومزاعمها في محاضرة بأكاديمية ناصر العسكرية العليا يوم 14 مايو 2002 وقد شارك في فاعليات كثيرة لمساندة القضية الفلسطينية بالمحاضرات والتوصيات في مؤتمرات عديدة في نقابات الصحفيين والأطباء والمهندسين وأيضاً في مؤتمرات خارج مصر ” أبو ظبى 1995″ و ” بيروت 1996 ” ومن اجل تأييد الشعب الفلسطيني أنطلق المؤتمر الوطنى الشعبى بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية برعاية البابا شنودة الثالث في 11 أبريل 2002 وبحضور البابا وشيخ الأزهر والعديد من الرموز الوطنية القومية المصرية والفلسطينية وفى هذا المؤتمر وجه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات كلمة للمؤتمر عبر الهاتف المحمول وكان البابا شنودة قد أصدر بيان لمساندة الشعب الفلسطيني في اليوم الخامس من بدء انتفاضة الحجارة يوم 28 سبتمبر 2000

رفض زيارة القدس

من العلامات الفارقة في حياة البابا شنودة الثالث موقفة من التطبيع مع إسرائيل فبعد ان قام الرئيس السادات بأبرام اتفاقية كامب دافيد للسلام مع إسرائيل وهو ما كانت تسعى من خلاله إسرائيل للتطبيع مع مصر لأن هذا التطبيع يعطيها شرعية الوجود في الأراضي المحتلة وكان هناك أجماع شعبى ووطنى في مصر بمقاطعة زيارة إسرائيل على الرغم من توقيع معاهدة السلام بين البلدين وأستند الموقف الشعبى الى أنه لا يجوز التطبيع مع إسرائيل و هي تمارس القمع والاحتلال على الشعب الفلسطيني وكان البابا شنودة في طليعة القوى الشعبية التي رفضت زيارة إسرائيل وقام بإصدار قرار بابوى بمنع الاقباط من الذهاب الى القدس لزيارة الأماكن المقدسة والتبرك منها وقال مقولته الشهيرة ( أننا لن ندخل القدس الا وأيدينا في أيدى إخواننا المسلمين) وقام البابا بتوقيع عقوبات كنسية وصلت الى حد الحرمان من الاسرار المقدسة لكل من خالف قرار منع زيارة القدس من الاقباط وهو الموقف الذى أوغر صدر الكيان الصهيوني تجاه البابا 

زيارة مسجد أبو النور

من المواقف القومية للبابا شنودة الثالث زيارته لمسجد أبو النور بالعاصمة السورية دمشق برفقة كل بطاركة الطوائف المسيحية وقيادات الكنائس من كل الطوائف وكان معهم الشيخ أحمد كفتارو مفتى الجمهورية العبية السورية وكانت زيارة البابا الأولى للمسجد يوم الجمعة2 مايو 1997 حيث امتلأ المسجد بالآلاف اللذين حضروا ليستمعوا الى بابا العرب حيث تحدث عن الإيمان بالإله الواحد وعن تعاليم السيد المسيح عن المحبة والسلام وإمكانيات العمل المشترك من أجل القضايا الوطنية والقومية وفند مزاعم إسرائيل بأنهم شعب الله المختار وتحدث عن ضرورة وحدة العرب وفى زيارة أخرى الى سوريا زار نفس المسجد مرة أخرى في 16 سبتمبر 2005 بحضور أكثر من ثلاثة آلاف شخص استقبلوا البابا بحفاوة تكريما لقيادته الروحية وعروبته ومصرية وألقى البابا في هذه الزيارة كلمة وطنية في ساحة المسجد

المشكلة اللبنانية

كثيراً ما ذهب البابا الى لبنان لمحاولة رأب الصدع بين الطوائف اللبنانية المتصارعة وكان يقول ” التعايش المشترك هو طوق النجاة الوحيد لمجتمع يتكون من ستة عشر طائفة ” وعندما كان يذهب الى لبنان كان يلتقى مع القيادات الدينية لكل الطوائف ومنهم السنة والشيعة والدروز وغيرهم من قيادات الطوائف اللبنانية وكان هؤلاء القادة الدينين يبادلون البابا الزيارة عندما يزورون مصر وكان يتعايش مع المجتمع اللبناني كفرد من أبناء هذا المجتمع فلقد قام في يونيو 1996 بزيارة خاصة لكى يضع اكليلاُ من الزهور على قبر ضحايا مذبحة قانا بالجنوب اللبناني وهى الحادثة البشعة التي أرتكبها الكيان الصهيوني وراح ضحيتها أكثر من مائة شخص 

مواقف مختلفة 

في نوفمبر 1988 التقى البابا شنودة الثالث وفد من أعضاء منظمة المؤتمر الإسلامي برئاسة رئيس المجلس التنفيذي للمنظمة وكان موضوع اللقاء عن أسى الحرب العراقية الإيرانية وقال البابا ” الكنيسة القبطية تضم صوتها الى صوت منظمة المؤتمر الإسلامي في السعي للإفراج عن أسرى الحرب فهذه مسالة إنسانية وفى أغسطس 1990 عندما اجتاحت العراق الأراضي الكويتية واحتلتها كان البابا يستشرف الخطر القادم على العراق برؤية ثاقبة حيث قال ” أتمنى أن يعود الكويت ولا يقضى على العراق “وفى 20 نوفمبر كان هناك اعتداء على المسجد الكبير بمكة وأستغل البابا عظة عيد الميلاد حيث تتجه كل الأنظار ناحية الكاتدرائية وأستنكر وادان حادث الاعتداء وفى مؤتمر صحفى عالمى أدان البابا ما كان يحدث في البوسنة والهرسك من اعتداءات وحشية وطلب من كل كنائس العالم التحرك لوقف العنف هناك كما أجتمع مع اللجنة المصرية لمناصرة شعب البوسنة والهرسك لتفعيل جهود وقف العنف هناك وتنسيق الدعم المادى والمعنوى وأفد البابا في 10 يناير 1993 أربعة من أساقفة الكنيسة لحضور الصلاة العامة التي أقيمت في إيطاليا لأجل سلام البوسنة والهرسك كما قام باستنكار وشجب الحرب ضد المسلمين في الشيشان

تعليقات الفيسبوك

أترك تعليقك