د.مرفت النمر تكتب
تفرض الأحداث الراهنة فى الأراضي الفلسطينية المحتلة بعض التداعيات التى تعود لتقفز على سطح الأحداث و يمكن لها أن تمثل مطالب مشروعه للأقباط من الرئيس القادم اضافة إلى أن تلك التداعيات يمكن تدويلها لتشكل ورقة ضغط على الكيان الصهيونى فى ظل الأحداث الراهنة تلك التداعيات و أكثرها تأثيرا فى تلك القضية هى أزم دير السلطان فى القدس المحتلة.
إن دير السلطان بني على يد الوالي المصري منصور التلباني عام 1092، فوق أقدم كنيسة في العالم و هى كنيسة القيامةو هو أحد أهم الأماكن العربية المقدسة الواقعة في مدينة القدس الشرقية وتحديدًا في حارة النصارى بجوار كنيسة القديسة هيلانة كنيسة الملاك والممر الموصل من كنيسة هيلانة إلى سور كنيسة القيامة. سمي الدير بدير السلطان نسبة لصلاح الدين الأيوبي الذي وهبه للأقباط، وهو المدخل الوحيد للحجاج المسيحيين إلى كنيسة القيامة حيث يرقد السيد المسيح، ويتكون الدير من عدة مباني متناثرة، ويحيط به سور يصل ارتفاعه 4.5 متر، وله ثلاثة أبواب أحدهم للأقباط فقط.
كيف بدأت الأزمة؟
تعود لأوائل القرن الماضي وعلى وجه التحديد عام 1820، ومنذ ذلك التاريخ وحتى الآن تمر بمتغيرات سياسية ودولية تجعلها تظهر في الأفق السياسي أو تمر بمرحلة خمود ينتظر من يثيرها مرة أخرى فيعود لها عنفوانها القوي لدرجة أنها تبدو لأول وهلة مشكلة لا حل لها، بحسب دراسة وثائقية للصراع التاريخي بين الأقباط والإثيوبيين على الدير، أجراها الدكتور أنتوني سوريال عبد السيد.
بدأت القصة بعد فتح صلاح الدين الأيوبي للقدس، ثم وهب الأقباط دير السلطان تقديرًا لدورهم في محاربة الصليبيين، وفيما بعد استولت إسرائيل على الدير وقامت بدورها بتسليمه إلى الأحباش بعد طرد الرهبان المصريين منه عقب حرب 1967، وحينها رفضت إسرائيل حكم المحكمة العليا الإسرائيلية برد الدير إلى الكنيسة المصرية، وفقًا لكتاب تاريخ الكنيسة القبطية.
الأحباش نجحوا في إقناع الحاكم الأردني بالقدس بملكيتهم للدير وتسليمه لهم، خلال فترة حكمه للضفة الغربية، الأمر الذي جعل البابا كيرلس السادس يتحرك في عجالة ويطالب الرئيس جمال عبد الناصر بالتدخل وبالفعل تحدث مع الملك حسين في محاولة لإقناعه بملكية الكنيسة المصرية للدير، وفقًا لتصريحات صحفية لـ كريم كمال رئيس الاتحاد العام لأقباط من أجل الوطن.
حينها تم إرسال وفد مكون من الأنبا يؤانس مطران الجيزة وانبا باسيليوس وانبا بنيامين وانبا انطونيوس مطران سوهاج إلى الأردن لمقابلة الحاكم، وبعد اطلاعه على المستندات وبعد إجراء مفاوضات تم إصدار قرار عام 1961 م بإلغاء القرار السابق، وتم إعادة مفاتيح الدير إلى أصحابه، وحينها تبرع جمال عبد الناصر بخمسة آلاف جنيه لإعمار الدير، وهكذا أكد الحاكم الأردني أحقية الأقباط في الدير، وعلى الرغم من تلك الأحداث إلا أن الأقباط كانوا حريصين على استقبال الأحباش.
وكانت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية قد أكدت في بيان لها أن دير السلطان هو أحد أديرة الكنيسة القبطية خارج مصر، قائلة: ” بالرغم من المحاولات المتكررة للاستيلاء على الدير لمئات السنين استطاعت الكنيسة القبطية الاحتفاظ بالدير وفي كل مرة كان يصدر الحكم في صالح الكنيسة القبطية الأرثوذكسية باستلام الدير بكل مشتملاته حتى المرة الأخيرة في اعتداء 25 أبريل 1970م حكمت محكمة العدل العليا الإسرائيلية أعلى سلطة قضائية في إسرائيل بتاريخ 16 مارس 1971م لصالح الكنيسة القبطية”.
أوضحت: “لما لديها من مستندات تثبت ملكيتها أو حيازتها للدير كوضع قانوني دائم في الأراضي المقدسة ولكن للأسف رفضت السلطة الحاكمة تنفيذ قرار المحكمة وهنا نؤكد أن دير السلطان كان وسيظل أحد ثوابت مقدسات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في الأراضى المقدسة لكل مصرى في العالم أجمع”.
جدير بالذكر أن الكنيسة المصرية رفعت أكثر من 100 دعوى قضائية أمام المحكمة العليا الإسرائيلية، وكسبتها جميعا ضد الحكومة الإسرائيلية وأثبتت حقها في الدير، ولكن سلطات الاحتلال الإسرائيلي ترفض التنفيذ حتى الآن.
وكان البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، قد علق خلال حوار تلفزيوني سابق على أزمة دير السلطان التي القائمة منذ زمن قائلًا: “الدير بتاعنا، ولدينا 17 وثيقة تؤكد امتلاكنا للدير، وقبلنا الوساطة من أجل حل الأمور، والدير تحت الاحتلال والمباني الأثرية في فلسطين لها قوانين خاصة، والمحكمة تخرج قرارًا، ولكن الحكومة بيدها تنفيذه، ويبدو أن هناك خلفية سياسية وراء عدم عودة الدير للسيادة المصرية، والسفير المصري في إسرائيل يقوم بدور رائع من أجل حل الموضوع، ونحن نفسنا طويل لإنهاء المشكلة».
وأشار البابا تواضروس الثاني إلى أهمية الدير الذي يعد مدخل البطريركية المصرية بالإضافة إلى أنه يتعارض مع طريق كنيسة القيامة، مشيرًا إلى أن هناك راهب قبطي مقيم في الدير كما أن لنا أديرة وكنائس تحت سلطتنا و ممتلكات مصرية كانت ترعاها الكنيسة السريانية.
فلماذا لا تعيد الدولة المصرية فتح قضية دير السلطان و طرحها ضمن أوراق الصراع العربى الإسرائيلي فمن جهة سوف تشكل حشد للعالم المسيحى خلف القضية و من ناحية أخرى فغن دير السلطان هو ملكية للأقباط و الكنيسة المصرية و هو حق طال انتظار عودته لأصحابه فهل يستجيب الرئيس القادم و يتخذ من الإجراءات الدولية ما يعيد الدير التاريخي إلى الأقباط؟
أترك تعليقك