الكنيسة بين الفراغ الفكري والتخبط الرعوي

90

الدكتورة مرفت النمر تكتب :

باتت الكنيسة المصرية بصفة عامة في حالة من التخبط والانشقاق والانقسام بينها وبين جماعة المؤمنين من الشعب وهنا نشير إلي خدام الشعب من الكهنة والقساوسة والأساقفة, لقد جاء السيد المسيح من أجل القلوب ولم يأتِ من سماء مجده من أجل الطوب , لم نجد السيد المسيح يوما يمتلك منزلا ولا مشروعا ولا حتي مكان كي يسند رأسه أو يقيم فيه طيلة حياته وإنما كان يجول يفعل خيرا ولم يكن يهتم بما في الارض كونه نزل من السماء لخلاص الإنسان الذي جبله علي صورته ومثاله والذي خلق السماء والأرض والبحر وكل نفس حية من الدواب في العالم من أجله ولخدمته والذي أعطاه الوصايا والتعاليم والذي أوحي بالكتاب من أجل خدمة الإنسان وليس العكس. ولكن انقسام الكنيسة حاليا يرجع إلي تفاهات وطقوس لا قيمة لها امام الله, الرب يريد رحمة لا ذبيحة وإن كانت هناك طقوس مصرية تمارسها الكنيسة القبطية كونها طقوس وعادات وتقاليد توارثتها عن أجدادنا الأقباط الأوائل في القداسات الجنائزية والمطانيات ومسحة المرضي وزيت الميرون وسر الزيجة والمعموديه وطقوس التحنيط والدفن وإقامة صلاة الثالث للمنتقل والأربعين وغيرها من الطقوس والعادات المصرية وهذا كله مدون علي جدران معبد أبيدوس بالبلينا محافظة سوهاج وقبل ظهور المسيحية بمئات السنين وأكبر دليل علي ذلك أن يوحنا المعمدان كان يعمد اليهود قبل أن يتحدث السيد المسيح عن العماد كونه عادة وطقس مصري قبطي ولا نستطيع أن نتجاهل أن اليهود تم أسرهم في أرض العبودية حوال 420 عاما فقد خرجوا من مصر متأثرين بالثقافة والطقوس المصرية إلي جانب أننا لم ولن نجد المسيح ولو مرة يمسك بالشورية ولكن استخدمها هارون وموسي كونهم عاشوا وتربوا في مصر فجميع الطقوس والعادات لا علاقة لها بتواصل الإنسان وأبيه السماوي وتعاليمه الواضحة والمعلومة لكل ذي عينين من أطعم ومن كسي ومن زار إلخ… لمثل هؤلاء ملكوت السموات, وصلُّوا كل حين ولا تملوا ولم يشترط مكانا للصلاة ولا وقتها ولا عدد من يقف أمامه وما يؤكد علي انها طقوس وعادات مصريه ان الكنيسة الروسية هي أيضا ارثوذوكسيه ولكن لا تمارس طقوس الكنيسة المصرية كونها طقوس بيئية وعادات متوارثة فبكل تأكيد أن اقباط مصر هم احفاد رمسيس وحتشبسوت ومينا بلا منازع أو شك . الكنيسه ضلت الطريق عندما ننظر إلي الكنيسه الأولي نجد هناك فارق كبير بين خدمة الآباء الرسل و بين خدمة أساقفة وكهنة وخدام اليوم فتلاميذ الأمس يقومون بالخدمة والتبشير وبث كلمة الله الحق والتواصل مع الآخرين وتعريفهم بشخص المسيح الفادي لمن لا يعرفه, ونلاحظ أن الرسل أثناء خدمتهم كانوا يهتمون بالإنسان وخلاصه و الذي نال الفداء بالدم الثمين ولم يهتم أيا منهم بالمال ولا القصور والمساكن الفخمة والضخمة ولا الاستقرار في مكان بعينه وإلا ما كان خرج الآباء الرسل عن حدود أورشليم وما كانت انتشرت المسيحية في جميع أنحاء المسكونة فقد ذهب بطرس إلي روما و مرقس إلي مصر وتوما إلي الهند إلي آخره. ولكن يذكر الكتاب المقدس أنه عندما وجد بطرس الرسول أنهم سينشغلون عن الخدمة بإطعام الجموع وجمع التبرعات للخدمة والاهتمام بالأرضيات والحياة الزائلة اختاروا أشخاص بعينهم للقيام بمهام جمع المال وإطعام الشعب (لا يستطيع الإنسان أن يخدم سيدين إما الله إما المال) فضلا عن أن سمات الكنيسة الأولي بنيت علي حياه الشركة في الصلاة والتناول وكسر الخبز وكأنهم روح واحدة لذلك سادت روح المحبة والعطاء بين جماعة المؤمنين بفضل امتلائهم من الروح القدس وقيام كل واحد من جماعة المؤمنين بعمله فقط فمن يقوم بالخدمة للخدمة فقط ومن يطعم الجموع ومن يجمع التبرعات يفعل هذا فقط لذلك نجحت الكنيسة الأولي في لم شمل الشعب إلي أحضانها. ولابد أن نفرق بين تلاميذ الأمس وكهنة اليوم من المشتغلين بالسلك الكهنوتي ومتقاضي الأجور من القداسات وصلوات القناديل والخطوبات والزواج وصلوات التبريك وغيرها من الزيارات المنزلية مدفوعة الأجر! فكيف تكون خدمة بعد تقاضي أجر عنها؟ الخدمة تلك التي تقدم دون مقابل ولا أجر فنحن اليوم بصدد مشتغلين وعاملين وليسوا خدام!! وهذا للتوضيح ووضع كل الحقائق نصاب أعين القارئ. فضلا عن أن الآباء الأوائل حلت عليهم الروح القدس وكان لذلك دلالات كالتكلم بألسنة وإقامة الموتي وشفاء المرضي وإخراج الشياطين وغيرها من سمات وقدرات ومعجزات الروح القدس الذي كان جاليا في عهد الآباء الرسل إلي جانب صندوق عام واحد يسد به تلاميذ الروح القدس احتياجات المعوزين من جماعة المؤمنين, صندوق واحد وليس لكل خادم صندوق! بالإضافة إلي خروج البعض من المستفيدين بادعاء كثرة العدد هو ما فعل ذلك والرد بسيط كما أن الكنيسة لها آله واحد وبطريرك واحد لابد وأن تكون الجهات التي تتلقي التبرعات واحدة وأن يكون المصدر المانح للتبرعات واحد برغم تعدد المتبرعين هذا هو قانون الكنيسة الأولي وآبائها الأولين. ولكن نلمس اليوم في بعض الأساقفة والكهنة والخدام فعلوا ما لم يفعله رسل السيد المسيح لنشاهد بعض الأساقفة تركوا خدمتهم وأصبحوا رحالة مسافرين إلي جميع دول العالم تارة من أجل الخدمه وتارة من أجل تدشين كنيسة أو ما شابه وتارة أخري من أجل العلاج وتارة للتنزه وتارة لجمع التبرعات بدعوى احتياجات المعوزين في الداخل وفي المحصلة الآلاف من إخوة المسيح مهملين من الكنيسة خدام وكهنة وأساقفة! والأغرب من ذلك أن نجد بعض من هؤلاء الزاهدين وقد وصلت اوداج كروشهم إلي منتصف أقدامه . وعندما تكون لكل دولة أكثر من إبراشية خاصة بها فلماذا السفر والترحال إذا؟؟ هل رعايا الخارج أكثر عددا من شعب الداخل؟ أساقفه وكهنة اليوم لم يحل عليهم الروح القدس كما حدث للتلاميذ الرسل في الخماسين في العلية فمتي وأين وكيف يدعي البعض أن أساقفة وكنهة اليوم يمثلون السيد المسيح كما كان الحال مع الرسل الأولين فهل يفعلون كما كان يفعل تلاميذ الروح القدس؟ لم نجد متّي أو لوقا أو يوحنا أو بطرس قد سلم الرعيه للوحش كما فعل هؤلاء الأساقفة والكهنة وهذا جلي وواضح عندما قام أحد الأساقفة بالزج بأحد النشطاء بالاسكندرية (و.ش.)وحكم عليه بسنة سجن والكاهن الذي رفض أن يقرض أحد المعوزين مبلغ من المال لكي يشتري توكتوك ليعمل عليه ليجد قوت يومه وعندما رفض الكاهن وقد وجد الشاب المعوز النقود أمامه في خزينة غرفة الكاهن وأثناء غياب القس عن غرفته قام بكسر باب الغرفة واستولي علي مبلغ 55 ألف جنيه والتي كانت بالخزينة وعندما اتصل الكاهن بالشرطة وقد عرضت عليه التنازل والتصالح من أجل مستقبل الشاب السارق رفض وزج به في غياهب السجون, لم نبرر السرقة لأحد ولكن اذا كان الكاهن ومن علي شاكلته يصدعون رؤوسنا ويتحدثون عن المحبة والمغفرة النظرية فالمسيح قام بشفاء أذن ملخس عبد رئيس الكهنة الذين كانوا معتزمين القبض عليه وقام بطرس بقطع أذنه اليمني, بالإضافة إلي أنه كان يطلب المغفرة لمن صلبوه فكيف يدعون أنهم مسحاء علي الارض وهم يأكلون الرعية مع الوحش؟ وقد حذر منهم السيد المسيح قائلا سوف يأتي من بعدي مسحاء كذبة لا تصدقوهم ها هو في المخادع… فهؤلاء هم المسحاء الكذبة.

د/مرفت النمر

تعليقات الفيسبوك

أترك تعليقك