فتوى تحريم تناول السمك للاقباط

90

الدكتورة مرفت النمر تكتب :

هذه الفتوي الكنسية التي خرج بها رجال الدينالأقباط منذ عدة قرون إلي أن أصبحت طقس ديني متعارف عليه يسير خلفه الشعب الأرثوذوكسي دون بحث ولا تفكير واضح لأسباب الفتوي وغيرها من الفتاوي ومدى وضع وتبعية رجال الدين بالحكام والنظم وارتباط وترابط الدين بالسياسة في كل العصور فكثيرا من القرارات السياسية تم تصديرها علي أنها فتاوي دينية بين التحليل والتحريم مثلها مثل كثير من الفتاوي التي يرفضها العقل والمنطق وعلي المؤمن قبولها وتصديقها دون نقاش كونها صادرة من رجال الدين فلهم ثقلهم فهم يزعمون ويصدرون للعامة أنهم آلهة منزهة تسير علي الأرض ويجب طاعتها دون جدال أو مناقشة مع إلغاء تام للعقل والتفكير وبعد أن تصدر العديد من الآيات (رئيس شعب لا تقل فيه سوءا), (وما احللتموه علي الارض) إلخ… فيقع المؤمنون صرعي لتغييب العقل وأماتت المنطق أمام فتاوي رجال الدولة المرتدين الزي الديني ويدعي البعض إنه التسليم الآبائى أي تسليم دون تفكير. فهذا التسليم يذكرنا بقصة طريفة لزوجة قامت بقلي السمك فلاحظ زوجها أن السمك منزوع الرأس والذيل فسألها لماذا قمتي بقطع ذيل السمكة ورأسها أنا احب أن أتناولهما فكانت إجابتها (معرفش) ولكن أمي تفعل ذلك ! وسألت الزوجة والدتها فأجابت والدتها أنها هي الأخري لا تعلم فقد فعلت كما فعلت والدتها هي الأخري وسألت الأم الجدة لماذا كنتي تنزعين رأس السمكة وذيلها ؟ فأجابت الجدة أن وعاء القلية كان صغيرا فكنت مضطرة لتقليص حجم السمكة لكي تدخل في الوعاء فهذا أيضا تسليم دون تفكير , كما يفعل المؤمنون !

في حقيقة الأمر استوقفني أكل السمك أثناء جميع الصيامات باستثناء صيام الخماسين أو الصيام الكبير وكانت جميع الإجابات عن هذا السؤال لا تقنعني وأخذت أبحث عن معلومة تؤكد هذا التحريم أو تنفيه إلي أن وصلت للقصة الحقيقية أو الفتوي التي خرجت من الكنيسة في ذلك الوقت ونظرا لظروف بعينها وأخذها الاجداد وتوارثتها الأحفاد إلي أن وصلت إلينا .
وكما نعلم جميعا أن السيد المسيح صام عنا أربعين يوما وأربعين ليلة ولكن لم يذكر أحد اسبابا مقنعة كي تصبح مدة الصيام 55 يوما ولكن بعد البحث وجدنا أن هناك أسبوع هرقل والآخر أسبوع الحاكم ! ما هو أسبوع هرقل ومن هو هرقل هذا لكي يصوم الأقباط والمسيحيون عنه؟! هو إمبراطور بيزنطي كان يحكم مصر وبلاد الشام من 610م إلي 641م .
عندما احتل الفرس بلاد الشام انتهز اليهود هذه الفرصة فتنكلوا بالمسيحيين الموجودين بالقدس ولما تمكن هرقل من هزيمة الفرس وردهم مهزومين خاف اليهود نتيجة سوء فعلتهم مع المسيحيين فأرسلوا الي هرقل قبل أن يصل القدس لكي يعاهدهم علي حقن دمائهم وحفظ اموالهم , فعاهدهم علي ذلك بدون أن يعلم بما فعلوه بالمسيحيين , فلما اجتمع المسيحيون بهرقل أعلموه بما فعلوه اليهود وطلبوا إليه أن يقتل جميع اليهود وبالفعل قتلهم ونقض عهده الذي عاهدهم به وقد حزن لذلك كثيرا ولكي تخف عنه الكنيسة فعلته قامت بكتابة رسالة فحواها (أنك أيها الملك في حل من هذا اليمين الذي أقسمته بخداع اليهود وسلامة النية ولكي تكون غير قلق البال ومرتاح الضمير من جهته نحن نأمر المسيحيين أن يصوموا عنك أسبوع في أول الصوم الكبير إلي مدة أربعين سنة حيث كان نقض العهد من أجل القبط وبسببهم) فاقتنع الملك بذلك وظلت الكنيسة القبطية علي عهدها حتي اللحظة بالرغم من أن جميع الكنائس أبطلت هذا الصوم إلا أن الكنيسة القبطية الارثوذوكسية مازالت تصومه وقد تقرر إضافة أسبوع هرقل إلي الأربعين يوما التي صامها السيد المسيح ولكي يكون له صبغة دينية تتناسب مع الأقباط أطلقت عليه الكنيسة أسبوع الاستعداد ! أي استعداد واستعداد لماذا؟ ونأتي إلي الأسبوع الثاني والذي جعل الصيام 55 يوما وتطلق عليه الكنيسة أسبوع الآلام هو بالفعل أسبوع الآلام ولكن ليست آلام المسيح والفداء والصلب كما تدعي الكنيسة فهذا القول يجافي الحقيقة لأن السيد المسيح قبض عليه يوم الخميس فجرا وتم صلبه الجمعة وقبر مساءا حتي قام صباح الأحد أي كلها ثلاثة أيام وليس أسبوعا كما تدعي الكنيسة وها هي قصة هذا الأسبوع أو (أسبوع الآلام بالنسبة لأقباط مصر) التي تخفي الكنيسة حقيقته مُحرمة تناول السمك فيه رغم السماح بتناول أكل الأسماك في جميع الصيامات الأخري .
فموسم الحصاد يبدأ مع رأس السنة القبطية في الثلث الأول من شهر سبتمبر والذي يبدأ معه فيضان النيل وتكاثر الأسماك في الأنهار, فكان هناك عرف لدي المصريين بتناول الأسماك في الشهور التي تنتهي بحرف الراء بداية من موسم الفيضان وحتي نهاية شهر فبراير وبعدها ينقطع المصريون عن تناول بعض أنواع السمك كونها مرحلة التزاوج و التكاثر ووضع البيض ولتكون وفيرة مع بداية شهر سبتمبر مع تحريم نوع واحد فقط من السمك وهو سمك القراميط حيث قامت إيزيس بتحريم تناوله علي المصريين لأن هذه السمكة تحديدا تناولت أجزاء من جسد أوزوريس بعد أن ألقي به أخيه ست آله الشر في النيل بعد قتله ولذلك أصبح سمك القراميط من المقدسات التي لا يتم صيدها بالإضافة إلي تحريم تناولها .
وقصة منع وامتناع الاقباط عن تناول الأسماك في صيام القيامة يرجع إلي الحاكم بأمر الله الذي قد تولي حكم مصر وقد استغله الطامحون والطامعون في السلطة والذين تقربوا إلي إليه مستغلين صغر سنه وقلة خبرته في إدارة شئون البلاد إلي أن أصبحوا هم من يديرون شئون البلاد وكانت هناك غيرة وكراهية للأقباط كونهم من الأعيان والمسيطرين علي جميع الإدارات والأعمال الخاصة كصناعة الذهب والفضة والنجارة وغيرها من الأعمال اليدوية والحرفية وكان منهم من يعملون في مهنة الصيد ولأن السمك غالي الثمن وبديل عن اللحوم والدواجن في الصيامات قد أصرف الأقباط في تناوله خلال أيام الصيام حيث لم يكن يتناوله غير الأعيان وعليه القوم وكما يحدث دائما وإلي الآن مع الأقباط كانت هناك وشاية للحاكم بأمره بإن الأقباط مستأسدين علي أموال البلاد وصناعاتها ومخازنها بالإضافة إلي أنهم يتناولون الأسماك بكميات كبيرة مما يؤدي إلي تناقص شديد في أنواع وكمية السمك حيث أنه في هذه الفترة يُعد في موسم التكاثر والتزاوج ووضع البيض, فبعد أن وسوس له الشيطان قام الحاكم بأمر الله بإصدار مرسوم بتجريم صيد وتناول أنواع بعينها من السمك وكانت الأنواع التي منع وجرم صيدها وتناولها هي المتاحة ولا توجد أنواع أخري سواها بدايه من شهر مارس حتي بداية شهر سبتمبر(موسم الفيضان) ولكن لم يمتثل الأعيان وعلية القوم في تناوله ولا الصيادين الأقباط كفوا عن الصيد حيث أنها كانت مهنتهم التي كانوا يقتاتون منها ويعيشون علي رزقها ولم يمتنعوا عن الصيد إلي أن قام الحاكم بإصدار مرسوم آخر بالقبض علي العشرات من الأعيان والأراخنة وعلي الصيادين الأقباط أثناء الصيد وقام بإعدامهم في الميادين لكي يكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه أن يخالف المرسوم وظلت الاعتقالات تالتها إعدامات وقتل جماعي إلي أن وجد الأساقفة أن الأقباط لا يمتثلون وأن الحاكم بأمر الله ورجاله لا يرحمون فقام الأساقفة بعرض الامر علي الحاكم بأن يكف الأقباط عن الصيد وتناول السمك ويكف هو عن إعدام الصيادين والأقباط علي أن يصوم الشعب القبطي أسبوع باسم الحاكم وراقت له الفكرة والفتوي فقام الأسقف بكتابة فتوي تم تعميمها علي الأقباط دون استثناء بتحريم أكل جميع أنواع السمك في صيام عيد القيامة لكي يحد من قتل و إعدام الصيادين الأقباط والأعيان, وبعد أن تم قتل الحاكم بأمر الله علي يد شقيقته (ست الملك) قامت الكنيسة بتغيير الاسم وأطلقت عليه أسبوع الآلام كونه يرمز للآلام والقتل والإعدام الجماعي الذي حصد رقاب وأرواح المئات من الصيادين والأقباط وبذلك قامت الكنيسة بإضافة أسبوعين من الصيام, أسبوع كفارة عن هرقل وأسبوع الحاكم بأمر الله والذي تحول فيما بعد لأسبوع الآلام. فهل عرف الأقباط سبب عدم تناول السمكفي الصيام الكبير وقصة الأسابيع الاضافية ؟

د/مرفت النمر

 

تعليقات الفيسبوك

أترك تعليقك