باحث سعودى يعترف بالغزوالعربى

90

الأستاذ طلعت رضوان يكتب :

فى مفاجأة لم تكن متوقعة، فى السنوات الماضية، قال الباحث السعودى الأكاديمى (على الهويرينى) على قناة روتانا خليجية، أنّ الفتوحات الإسلامية لم تكن سوى عملية غزوقام به العرب..وأنّ الإسلام بريىء منها..وأضاف: لماذا ذهب العرب إلى الأندلس؟ وهل أمرنا الإسلام بعبورالبحرلمحاربة النصارى؟ إنّ هذا ليس غزو الإسلام، إنه غزوالعرب.

    أعتقد أنه بالرغم من أهمية كلام الباحث السعودى، وبالرغم من شجاعته فى تحدى الموروث الثقافى العربى/ الإسلامى، الذى يتحاشى استخدام تعبير(غزو) على ما فعله العرب الذين احتلوا الكثيرمن دول العالم..ولكن هذا الباحث السعودى حاول تجميل الإسلام (ربما لأنه خاف من ردود الفعل على كلامه) حيث نفى عن الإسلام صفة الغزو..واكتفى بلصقها بالعرب..وهوبذلك تجاهل أنّ التاريخ العربى/ الإسلامى به عشرات الكتب التراثية التى ذكرتْ (غزوات نبى الإسلام) وبعضها صدربعنوان صريح (غزوات الرسول) كما أنه تجاهل أنّ كل الغزوات العربية، كانت تتم بحجة نشرالإسلام..وهذا ما حدث فى معظم الدول التى تـمّ غزوها واحتلال أراضيها ونهب مواردها ، سواء فى مصرأوفى العراق أوفى بلاد الشام والمغرب..إلخ. وكان الغزاة العرب يضعون الشعب المنكوب بالغزوالعربى، أمام ثلاثة اختيارات: إما الدخول فى الإسلام، أوالقتال، أوأداء الجزية..وذلك بالتطبيق لنص الآية رقم29 من سورة التوبة..كما أنّ الباحث السعودى أخطأ عندما استخدم كلمة (أندلس) بينما الاسم الحقيقى (إسبانيا) التى احتلتها قبائل عربية.

    وفى كل الأحوال فإنّ العقل الحرلايملك إلاّ أنْ يوجه لهذا الباحث السعودى التحية، لجرأته على (نقد الثوابت) خاصة وأنّ السعودية هى الدولة التى تبنــّـت الدفاع عن هذه الثوابت، المنافية لوقائع التاريخ، والمعادية للبشرالذين شاء سوء حظهم أنْ يقعوا تحت نيرالاستعمارالعربى.

    وكما أخطأ الباحث السعودى فى العصرالحديث، كذلك أخطأ بعض المؤرخين فى العصورالوسطى..وأعتتقد أنّ آفة أى مؤرخ قديم أوأى كاتب عصرى، هى الأيديولوجيا، سواء دينية أومذهبية أوعرقية، والجرائم الوحشية التى ارتكبها العرب ضد شعبنا بعد الغزوعام 641م اعترف بها مؤرخون دافعوا عن العرب والإسلام، أمثال الطبرى والبلاذرى والسيوطى إلخ، والمقريزى، الذى  بالرغم من حديثه عن ثورات شعبنا ضد الإحتلال العربى، وبالرغم من أنه من مواليد القاهرة (تنتمى أسرته إلى بعلبك) فإنه وصف شعبنا بالجُبن..وأنّ مصرلم تسكنها الأسود، لذلك فإنّ طبيعة المصريين أقرب إلى الأرانب والحمير(المواعظ والاعتباربذكرالخطط والآثار- ص43) الذهنية العربية جعلته يتجاهل أنّ مصربها أسود عكس جزيرة العرب..وأنه عندما قبض الخليفة مروان بن محمد على رجال الكنيسة وسجنهم ((سلــّـم أغناطيوس القديس الشهيد إلى عشرة من الأسود)) (ساويرس بن المقفع- تاريخ البطاركة- ص198) ويتمادى المقريزى فيلصق بشعبنا صفات الكيد والخبث والمكر، هذا الموقف الأيديولوجى يتضح عندما كتب يُدين ثورات شعبنا، خاصة ثوارالبشمورالذين تحدوا سلطة الاحتلال العربى، فهم فى نظره (طباعهم أغلظ والبله عليهم أغلب وذلك أنهم يستعملون أغذية غليظة ويشربون من الماء الردىء) (المواعظ والاعتبار- ص44) وكان تعليق الراحلة الجليلة سناء المصرى ((المقريزى وخلفه العقل العربى يرى أنّ سر ثورات هؤلاء القوم يرجع إلى خشونة الطعام والمياه وكلها عوامل طبيعية انطبقتْ على أماكن أخرى ولم تؤد إلى تفجير الثورة)) (هوامش الفتح العربى لمصر- الشعاع للنشر- عام 2004ص188) ولأنّ سناء المصرى تجرّدتْ من أية أيديولوجيا كتبتْ ((هكذا كتب المؤرخون العرب تاريخ مصرمن وجهة نظرهم، ونعتوا فيه المصريين بأشد الصفات سوءًا، وفسروا سُمرة المصريين بأنهم أولاد العبيد السود الذين نكحوا نساء القبط بعد الغرق واستولدوهنّ، كما ذكرالمقريزى، بينما العرب يرون أنفسهم أنهم ((أتم الناس عقولا وأحلامًا وأطلقهم ألسنة وأوقرهم أفهامًا)) كما ذكرالألوسى فى بلوغ الأرب فى معرفة أحوال العرب- ج1ص 144- نقلا عن سناء- ص190)   

تعليقات الفيسبوك

أترك تعليقك