ليه التقويم المصرى مغضوب عليه ؟

90

الكاتب الأستاذ طلعت رضوان يكتب :

حد يسدّق إنْ السنه المصريه عمرها 6258؟ طيب ليه المدارس والجامعات ما بيقولوش الكلام دا لولادنا؟ وليه الإعلام ما بيتكلمش عن الحكايه دى؟ إلخ  بس كانت فرحة الفلاحين اللى بشوفهم  بانتْ علا وشوشهم لما حزّمتْ كلامى عن التقويم المصرى بالزراعة، وإنْ الفضل فى التقويم المصرى بيرجع لحركة الزراعه، وضربتْ لهم بعض الأمثله عن بداية بذرالبذور، وإنْ  الحصاد بيكون فى شهورمعينة (زى توت أوبرمهات إلخ) كانو بيفرحوويزأططو ويقولو: معاك حق..دى الشهوراللى بنرمى فيها البذورواللى بنجمع فيها المحصول..وكانو بيبتسمولما أذكرهم ببعض الأمثال التى قالها شعبنا الأمى ((فى برمهات روح الغيط وهات)) و((كياك صبحك مساك..حضرعشاك مع غداك)) عشان الشهردا هوّاللى بيمهد لدخول فصل الشتا، وبخبرة الفلاح المصرى عرف إن النهارفى الشهردا بيكون قـُـصيـّـر، وعشان كدا قال ((صبحك مساك))

***

      بيوافق يوم 11سبتمبر(فى الغالب) 1توت..والسنة المصرية ابتدت عام 4241 قبل الميلاد..وفى هذا العام الميلادى (2018)  تبدأ السنة المصرية 6259، وعشان التقويم الميلادى بيبدأ فى شهريناير، والتقويم  المصرى بيبدأ يوم 1توت (11سبتمبر) يبقا فى يناير(2018) + 4241 = 6259. وفيه اتفاق بين علماء علم المصريات وعلماء الفلك، علا إن التقويم الميلادى العالمى متاخد من التقويم الجريجورى المتاخد من التقويم الرومانى المتاخد من التقويم الشمسى المصرى. وكمان فيه اجماع بينهم على إنْ التقويم المصرى أدق من التقويم الميلادى، والسبب فى كدا أنّ الشهورفى التقويم الميلادى بعضها 30يوم، وبعضها 31 يوم وبعضها 28 يوم أو29  يوم، لاكن جدودنا المصريين اللى أبدعوالتقويم الشمسى ثــبّـتوالشهورعند رقم واحد (30 يوم) ولما اكتشفوأنّ السنة 365 يوم  ابتكروشهرصـُـغنتوت (خمس تيام) واسمه فى اللغه المصريه القديمه (أبد كوجى)

     ويهمنى التركيزعلا إن معظم شعوب العالم عندها تقويم خاص بيها. لاكن – رغم كدا – فإن التقويم الوحيد المعتمد واللى بتتعامل به كل دول العالم وكل المنظمات والهيئات الدوليه هوّ التقويم الميلادى اللى خدوه من التقويم الشمسى المصرى. ولما كان الفضل بيرجع لجدودنا المصريين القدام، ولما كان واجب علينا إحنا الأحفاد إننا نفتخربدا ونعتزبيه، لاكن المهم هوّإننا نكون جديرين بالانتساب لجدودنا. بس تحقيق الحلم دا وعشان نبص للمستقبل اللى  بذرته بتتحط فى الحاضر، يبقا لازم ندافع عن التقويم المصرى الشمسى، عشان هوّمرتبط بالزراعه، اللى موش ممكن تتم بالتقويم القمرى.

     نتج عن تجاهل خصوصيتنا الثقافيه ظاهرة كتابة الشهرالميلادى وجنبه الشهرالسريانى، سبتمبر/ أيلول إلخ. ولما العرب بيعملوكدا (ودا حقهم  ولازم نحترمهم عشان همّ بيتمسكو بالتقويم بتاعهم ) طيب يبقا السؤال: ليه المتعلمين المصريين (المحسوبين علا الثقافه المصريه السايده) ما بيكتبوش شهورهم القوميه؟ فيكتبو توت جنب سبتمبر، وبؤونه جنب يونيو..إلخ. ولو كانوموش عارفينها، أوعارفين وبينكسفو منها، يبقا يكتفوبالشهورالميلاديه. ومع غياب الحس القومى بالخصوصيه الثقافيه المصريه تبص تلاقى بعض الصحف الخاصه بتكتب فى صفحتها الأولانيه التقويمين الميلادى والهجرى وبتتجاهل التقويم المصرى.

     الدكتورعبدالحميد يونس أستاذ الأدب الشعبى، كتب إن أمه كانت حافظه الشهورالقبطيــــــة (قبطى = مصرى) مع إنها كانت عايشه معاه فى القاهره..وقال إن الشهورالمصريه دقيقه كل الدقه ومن هنا كان ارتباطها بالزراعه.

    تتجاهل الثقافه السايده إن الفلاحين المصريين (الأميين) حافظين الشهوردى، مع إنهم ما دخلوش مدارس، لاكن أبدعو مثل لكل شهر(طوبة تخلى الصبية كركوبة) و(أمشيرأبوالزعابير) وعشان شهربرمهات بداية حصاد معظم المزروعات قالو(برمهات روح الغيط وهات) وعشان النهاربيكون قـُـصيـّـرمع بداية شهركياك قالو”كياك حضّرغداك مع عشاك” وكمان أسماء الشهورمتاخده من أسماء الآلهه المصريه..والشهورالمصريه بتبدأ بشهر(توت) أو(آخت الأول) من فصول السنه المصريه..وهوّبيكون مع شهرسبتمبرعلا طول..وتوت بيستمرمن يوم 11 سبتمبر لغاية 10 أكتوبرواسمه متاخد من اسم إلاه الحكمه والمعرفه والكتابه (توت/ جحوتى) والشهرالتانى (آخت التانى/ بابه) واسمه متاخد من عيد آمون (أوبت) ويوافق يوم 11 أكتوبر حتا يوم9نوفمبر..والشهرالتالت (آخت التالت/هاتور) واسمه متاخد من اسم إلاهة الحب والجمال (حتحور) ويوافق يوم10نوفمبرحتا 9 ديسمبر..والشهرالرابع (آخت الرابع/كيهك) ومعناه فى الهيروغليفى (كا / حر/ كا) أى اجتماع الأرواح..ويوافق10 ديسمبرحتا 8 يناير. بعد كدا يجى الفصل التانى (بيرت– أى الشتاء) ومن بيرت جاتْ كلمة (البرد) ويبدأ ب (بيرت الأول/ طوبه) على اسم روح (طى) أقدم إلاهه لمدينة طيبه (الأقصر) ويوافق يوم9ينايرحتا 7 فبراير.. والشهرالتانى (بيرت التانى/ أمشير) على اسم الإلاه (مونتو) اللى بقا بعد كدا (مشير) رب الزوابع والأعاصير..ويوافق يوم 8 فبرايرحتا9مارس..والشهرالتالت (بيرت التالت/برمهات) واسمه متاخد من اسم الملك آمنمحات التالت 10مارس حتا 8 إبريل..والشهرالرابع (بيرت الرابع/ برموده) واسمه متاخد من (رنونه أو رع نينيت) ربة حُسن الحظ والحصاد ويوافق9 إبريل حتا 8 مايو..والفصل التالت من فصول السنه المصريه هوّ(شمو/ الربيع) ويبدأ بالشهر الأول (شموالأول/ بشنس) واسمه متاخد من الإلاه (خونسو) ابن الإلهه (موت) والإلاه (آمون) واسمه يعنى القمر..ويوافق9مايوحتا7يونيو..والشهرالتانى (شموالتانى/ بؤونه) واسمه متاخد من (أون) عين شمس ويوافق8 يونيو حتا7يوليو..والشهرالتالت (شموالتالت/أبيب) واسمه متاخد من (أبيب أوعبيب) وهوّعيد فرح السماء بانتصارالخير، ويوافق 8 يوليوحتا 6 أغسطس..والشهر الرابع (شموالرابع/ مسرا) واسمه متاخد من (مس– را– أومس– رع عيد رع) (روح مصر القديمة- تأليف عالمة المصريات (أنا روبيز) ترجمة إكرام يوسف- مكتبة الأسرة عام 2006- ص 296- وكذلك فى دراسة أ سامى حرك فى كتابه (الأعياد المصرية – طبعة على نفقته عام 2012 ويحرص على طبع نتيجة حائط للتقويم المصرى كل سنه علا نفقته الخاصة)

    بعد كدا يجى شهرصغنتوت مدته خمس تيام هوشهر(نسى) بيتكتب (نسىء) وله قصه بتتعلق بمولد الآلهه (أوزير، إيزيس، حورس، ست و(نبت/ حوت) أونفتيس حسب النطق اليونانى) واسمها بالمصرى القديم معناه (ست الدار) والشهردا بيجى كل أربع سنين عشان يظبط فرق الرُبع يوم الزياده عن عدد أيام السنة وعددها 365 يوم..وكتب المؤرخ اليونانى هيرودوت ((كان قدماء المصريين هم أول من ابتدع حساب السنة..وقسّموها إلى إثنى عشرقسمًا بحسب ما كان لهم من معلومات عن النجوم..ويظهرلى أنهم كانوا أحذق من الإغريق الذين يحسبون شهرًا كبيسًا كل ثلاث سنوات تكملة للفصول. أما المصريون فكانوا يحسبون الشهرثلاثين يومًا ثم يُـضيفون خمسة أيام  إلى السنة كى يدورالفصل ويرجع إلى نقطة البداية)) (هيرودوت- الكتاب الثانى عن مصر- ترجمة د. محمد صقرخفاجه عن الإغريقية- هيئة الكتاب المصرية- عام 87- ص 68، 69) وذكرد.بسام حاتم عضوالجمعية الكونية السورية ((ظهرتْ التقاويم الشمسية التى تعتمد حركة الشمس حصرًا، وكان (الفراعنة) هم أول من أخذوا بهذا الإجراء بسبب تطور بنيتهم الزراعية)) (مجلة آفاق علمية الكويتية- عام 86- ص 45)

    وعن بداية التقويم الشمسى فى مصرالقديمة كتب برستد ((دلتنا الأبحاث الفلكية أنّ هذا  الحادث حصل عام 4241 ق.م ويُعتبرهذا الاكتشاف الميقاتى واستعماله فى الشئون الدنيوية خطوة كبيرة نحو الرقى وشرفـًا عظيمًا للوطن الذى اكتشفه..ولم تكتشف دولة من دول العالم منذ أقدم الأزمنة حتى بداية العصرالأوروبى المتوسط توقيتــًا سنويًا مثله..وكل شهرثلاثين يومًا حفظــًا للنظام وتسهيلا للمداولات..وبعد أنْ قسّموا السنة إلى شهوروأيام أضافوا إلى آخرذلك خمسة أيام قـدّسوها وأقاموا فيها الأعياد، مع العلم بأنّ تاريخ استعمال السنة المصرية القديمة، ابتدأ بظهورنجم الشعرى اليمانية (واسمها بالمصرى القديم سبدت) مع شروق الشمس..وقد بُحث عنه فلكيًا فوُجد أنه حصل فى التاسع عشرمن شهريوليوسنة 4241ق. م ولما كانت السنة المصرية (فى البداية) أقل من السنة الشمسية الحقيقية برُبع يوم، فقد تلاحظ أنّ الفرق يبلغ يومًا كاملا كل أربع سنوات، ويبلغ عامًا كل 1460 سنة..وأنه بعد مرورهذه المدة (أى 1460 سنة) يتفق ظهورالشعرى اليمانية مع شروق الشمس..ومن ذلك يتضح أنه لوعُـثرعلى أخبارلهذا التوافق الفلكى (بين ظهورالشعرى والشمس) أمكننا معرفة تاريخ تلك الأخبارباستعمال الطرق الفلكية، فلا يزيد الخطأ فيه على نحوأربع سنوات. ولنا أنْ نعلم أنّ يوليوس قيصرالرومان هوأول من أدخل التقويم المصرى امبراطوريته ثـمّ عـمّ استعماله العالم، ومن ذلك يتضح أنّ استعمال التوقيت المصرى عمره ستة آلاف سنة تقريبًا. وأنّ هذا الفضل يرجع للمصريين القدماء الذين عاشوا فى القرن الثالث والأربعين قبل الميلاد..مع ملاحظة أنّ تقسيم التوقيت المصرى أفضل كثيرًا من التوقيت الرومانى،  لأنّ التوقيت المصرى أسهل استعمالا، فهوقسّم السنة إلى إثنى عشرشهرًا والشهورإلى ثلاثين يومًا، أما التوقيت الرومانى فقسّم السنة إلى إثنى عشرشهرًا غيرمتساوية الأيام)) (برستد- تاريخ مصرمنذ أقدم العصورإلى العصرالفارسى- ترجمة حسن كمال– مكتبة الأسرة – عام 99- ص 34، 35)   

     والثقافه المصريه السايدة بتتجاهل إن شدة البرودة بتكون فى شهرطوبة وشهرأمشير..وشدة الحربتكون فى شهربؤونة وشهرأبيب إلخ. وأنّ التقويم الميلادى العالمى بيتواكب باستمرارمع التقويم المصرى..فتجد إن شهرطوبة بيلازمه يناير..وشهرأمشيربيلازمه فبراير(مع فروق فى بعض الأيام) وفى زيارة لمعبد آمون اكتشفتْ عالمة المصريات نوبلكورأنّ العين اليمين للتمثال هىّ الشمس والعين الشمال هىّ القمر..ومكتوب علا التمثال إن العين الشمال (القمر) وبتستمد نورها من العين اليمين (الشمس) وكتبتْ إنّ ((هذه حقيقة علمية فلكية ولم يكتشفها العلماء إلاّفى نهاية القرن العشرين، فكيف توصل المصريون القدماء إليها ولم يكن لديهم آلات فلكية مثل آلات العصرالحديث؟)) وقد اعترف العالم الكبيراسحاق نيوتن أنّ المصريين القدماء هم أول  من رصدوا النجوم. أما العالم كوبرنيكوس فقد اعترف بفضل العالمة والفيلسوفة المصرية هيباتيا عليه فى علم الفلك. وجاء فى معجم الحضارة المصرية أنّ علماء الفلك قالوعن التقويم المصرى أنه هوالتقويم الوحيد الذى عُمل بذكاء فى التاريخ البشرى كله..ولم يكن لديهم المنظارالفلكى اللى اخترعه جاليليو..ولم يمتلكوالمرصد الضخم اللى اخترعه العالم الأمريكى إدوين باول هابل فى القرن العشرين اللى رصد المجرات الخارجيه ومجموعات النجوم.

     متهيـّـا لى إن الاحتفال بالتقويم المصرى فيه رد اعتبار لجدودنا. لاكن إحياء تقويمنا القومى بيتطلب المنهج العلمى لترسيخ خصوصيتنا المصرية..كمان لابد أنْ تتبعه احتفالات كتيره، زى عيد الربيع المصرى (شم النسيم) وفيضان النيل إلخ..كمان من رأيى إنه من الاحتفالات المهمه جدن جدن  الاحتفال اللى اقترحه الكاتب أ.محمد صالح اللى كتب ((لستُ أعرف لماذا لم نفكرحتى الآن فى أنْ يكون يوم اكتشاف سراللغة الهيروغليفية وحل رموزها عيدًا قوميًا لمصر.باعتبارأنّ ذلك هوالحدث الذى كشف حقيقة الحضارة المصرية ووضعها فى مرتبة أعلى عن سواها)) (أهرام 21/9/2002) اقتراح أ.محمد صالح يؤكد إن اللى بيكبس ويغطى علا (القوميه المصريه) قشره رُقيقه من السهل إزالتها..ولاكن المهمه دى (أى إزالة القشره) عاوزه إعادة النظرفى مناهج التعليم وبرامج الإعلام، عشان يتخلق جيل جديد يعرف جذوره وتراثه، وبكدا نقدرنرد (الرد العلمى) علا أكاذيب بنى إسرائيل اللى  بيزعمو أنهم بناة الحضارة المصرية.

طلعت رضوان

تعليقات الفيسبوك

أترك تعليقك