شهداء القهوة

90

الدكتورة مرفت النمر تكتب :

نقلا عن : الأهرام الكندى الجديد

يظن البعض أن الفتاوي والبدع التي تخرج من شبه الجزيرة العربيه وتنتقل الي القاهرة شيء جديد فهناك العديد والعديد مما قام صناع الدين بالفتوي بتحريمه مع اقامة الحسبه وفرض عقوبات تصل لحد التجريس والقتل وكل هذه الادعائات والمحرمات الشخصيه تمارس باسم الله !

فقد كان للقهوه شهداء يسأل عن ارواحهم المزهقه بعض المدعين من رجال الدين وارباب الفتاوي. فقد انتشر البن اليمني انتشارا واسعا واصبح تناول القهوه محببا ومفضلا لاصحاب الفكر والكتاب والتجار ومن المنبهات لبعض الصوفيين المتعبدين والتي كانت تساعدهم علي السهر للصلاة الي جانب انتشارها في شبه الجزيرة العربيه واصبحت من المشروبات الاساسيه والمستحبه والتي كان يتناولها الجميع في التجمعات الاسريه حتي بين النساء وعلي ابواب المنازل وجوانب الطرق واثناء مرور بعض رجال الدين و الامير خاير بك المملوكي والمعين من قبل السلطان العثماني في مكه وجد جمعا من الناس جالسين يتناولون القهوه بجانب المسجد الحرام فتوجه إليهم وسألهم عما يفعلون وافادوه انهم يشربون القهوه,

فذهب وجمع فقهاء المدينه وطلب منهم فتوي بتحريم البن وحرمة شرب القهوه كما ان شاربيها يستمعون الي عزف العود والدف فذهب رأي الفقهاء الي ان حبه البن في ذاتها ليست حراما ولكن عندما يجلس الجمع لشربها مع الاستماع الي الغناء والعود فهذا حرام شرعا ووظل خاير يجمع شهادات الفقهاء والاطباء من المدينه وكان فحواها ان القهوه مفسده للبدن وان تناولها يجرالمسلم الي المعصيه والي تغير الحواس والتباس العقل وفقدانه للوعي وانها من المسكرات ,واستصدر فتوي شرعيه بتحريمها فقهيا وطبيا وقام بإغلاق المقاهي و المحال وحرق كافة مخازن البن في انحاء مكه فقامت ثورة عارمه بسبب تحريم القهوه التي اعتاد الناس علي شربها فقام البعض بتناولها سرا في البيوت ولكن من يفتضح امره تتم معاقبته بتجريسه علي ظهر حمار باجراس كبيره يطوف به شوارع المدينه ليكون عبره لمن يعتبر وكان من الطبيعي ان تنتقل المسجلات الفقهيه حول تحريم شرب القهوه إلي القاهرة حيث انها ايضا تحت الحكم العثماني وطرح أحد فقهاء مكه سؤالا الي فقهاء القاهرة صيغ بحنكة صناع الدين والفتاوي ليقتنص الموافقه بالتحريم من افواه فقهاء القاهرة

وكان سؤاله: (ما رأيكم في الشراب المسمي بالقهوه الذي يشرب منه جماعة علي اساس أنه مشروب مباح علي الرغم من انه وراء حدوث اعمال الشعب التي عمت ارجاء مكه فضلا عن انه يعصف بالرأس وضار جدا بصحه المسلم ويعد من المسكرات التي تغيب العقل , هل هو حلال ام حرام ؟ وأرفق فرض رأيه الشخصي في نهايه سجل الفتوي عام 1572 (بأنه يري القهوه حرام شرعا)

وبعده مباشرة قام الفقيه (احمد بن عبد الحق السنباطي من علماء الازهر) بمهاجمه القهوه وشاربيها بعنف ووجوب قتل شاربيها وبائعيها, مما دفع اتباعه ومؤيديه من الغوغاء الي مهاجمة محال بيع البن والمقاهي والتعدي علي روادها الي جانب تكسير اواني القهوه وهدم الكوانين واستمرت معاداه القهوة واصابت عدوي التحريم عموم القاهرة بعد الهجمات الشرسه التي ظل يشنها الفقيه السنباطي ضد القهوه والمقاهي وتجار البن ادي ذلك الي تدخل تجار البن ومنتجي القهوه يطالبون السنباطي بالتراجع عن فتواه بحرمة القهوه والتعدي علي شاربيها ومنتجيها وحاولوا اقناعه سدي بأن القهوه من المنبهات وليست من المسكرات فنهرهم بكل عنف وقسوه ” ما دامت تؤثر في العقل سلبا أو ايجابا فهي حرام شرعا”

فقامت علي اثر ذلك معركه حاميه بين اتباع الشيخ ومؤيديه وبين التجار البن واصحاب المقاهي وتم قتل العديد من تجار البن واصحاب المقاهي فهرب السنباطي ومن معه للاختباء داخل المسجد وحاصر التجار ومؤيديهم الشيخ واتباعه داخل المسجد من كل جانب الي ان عرفوا بوفاة شاب آخر من الذين تم الاعتداء عليهم من قبل الشيخ واتباعه وان هناك العديد من الشباب في حاله خطرة فاصيبوا بصدمة عندما علموا بموت العديد من مؤيديهم فقرر التجار الاستمرار في محاصره المسجد والتخلص من الفقيه السنباطي واتباعه ومؤيدي تحريم القهوة وانضمت اهالي القتلي في الحصار واقاموا صوان كبير حول المسجد محاصرين الشيخ ومؤيديه

وقاموا بتناول القهوه بجانب اسوار المسجد الذي يختبئ فيه السنباطي ورجاله لمده ثلاثه ايام نكايه فيه وكل من أيد تحريم القهوة وتناولها وعمت الفوضي في شتي ربوع القاهره بين مؤيد ومعارض وتصاعدت اعمال العنف والتوتر حتي وصل الامر الي السلطان العثماني والذي قام باستصدار مرسوما بتعيين مفتي جديد لكي يسيطر علي اعمال الشغب والعنف والحد من حالات الاقتتال بين المصريين فقام المفتي الجديد بجواز شرب القهوه واستصدر السلطان مرسوما آخرا بفتوي جديده بعدم حرمة شرب القهوه واعتبر تجار البن واصحاب المقاهي هذا انتصارا لهم وفتحت المقاهي ابوابها واشتعلت الكوانين واصبح شرب القهوه عرفا يمارس الي الآن في حالات العزاء في مصر حيث قام التجار بشرب القهوه الساده لمده ثلاثه ايام متتاليه نكايه وتحدي للسنباطي ومؤيديه وبدون سكر حزنا علي الشباب التي زهقت ارواحهم في معركه وفتوي القهوه ,

وسميت بالقهوه التركي رغم ان البن كان وقتها يتم جلبه من اليمن إلا إنه وبعد استصدار المرسوم من قبل السلطان العثماني فنسبت القهوه الي السلطان التركي .. رحمة الله علي شهداء الفتاوي .

تعليقات الفيسبوك

أترك تعليقك