الدكتورة مرفت النمر تكتب :
نقلا عن : الصباح
تتلاعب الكنيسة بالمادة الثالثة للدستور بحسب ما يقوى سلطانها بعيدا عن مصالح الاقباط وكأن تلك المادة المشؤومة وضعت لتحول الاقباط الى عبيد للكاتدرائية فالدستور موجه للمشرع وليس للكنيسة ولا يحق للكنيسة ان تغل يد المشرع بتسهيل تمنحه او تمنعه كما ان الكنيسة وهى التي ترفض الزواج المدني تعطى لنفسها الحق في وضع تسهيلات للطلاق المدنى وكان يتوجب على المجمع المقدس طالما شرع للطلاق المدنى وأعطى له تسهيلات ان يمنح ايضاً بعض التسهيلات للزواج المدنى حتى تكتمل المنظومة وبهذا لن يحتاج من يطلق مدنياً للزواج الكنسى ولكنه سوف يتزوج مدنيا.
ان تمسك الكنيسة بالمادة الثالثة للدستور هو تمسك ظاهري وهو حق يراد به باطل فالمطلوب من الكنيسة ليس التدخل في تقنين القوانين المدنية ولكن مطلوب ان تحدد للمشرع المرجعية التي يتخذها لصياغة قانون أحوال شخصية للأقباط وتصدر بمقتضاه أحكام تعبر عن شريعة الاقباط ويكون لتلك الاحكام الأثر النافذ فيما يترتب عليها من آثار وبالتأكيد فإن الزواج الثانى من اهم آثار الطلاق أما ان تحول الكنيسة قضايا الأحوال الشخصية الى شقين شق مدنى يبت فيه القضاء وشق دينى تفصل فيه الكنيسة فإن هذا يؤدى الى ازدواجية التقاضى ويعود بنا الى عصر المحاكم الشرعية ويكرس للدولة الدينية التي طالما تشدق آباء الكنيسة بالتنديد بها .
تخليص حق
فتوى الكنيسة الجديدة التي تغل يد المشرع والقضاء والتذرع بالمادة الثالثة للدستور تأتى ردا على تجاهل الدولة لمطلب البابا من وزير العدل ان يتم عرض قضايا الأحوال الشخصية قبل البت فيها قضائياً على الكنيسة لطلب الرأي الشرعي في تلك القضايا على ان يلتزم القاضي برأي الكنيسة ويحكم بما ذهبت إليه في تلك المشاكل وبرر البابا ذلك بأنه يجب ان يتعامل القضاء مع الكنيسة في مثل تلك القضايا على انه “مكتب خبراء” تحال له القضايا لإبداء الرأي الفني ولكن الدولة لم تعير لهذا المطلب أي أهمية لان المستقر قانوناً ان قاضى الدعوى هو الخبير الأعلى وله ان يأخذ برأي الخبير او يرفضه ولا يجبر على الالتزام به كما يريد البابا كما ان الاحتكام الى الكنيسة يمثل وصاية دينية على القضاء وتصبح المحكمة جهة صورية للفصل في النزاعات تعتمد قرارات الكنيسة ومن هنا قررت الكنيسة تهميش الاحكام القضائية وقبولها او رفضها حسب الهوى الكنسى للمجلس الاكليريكى وأن يكون المصير النهائي للأقباط بين أيديها وأخرجت لسانها للدولة .
بين الدولة والكنيسة
الامر المستغرب هنا ان الدولة تنفض يديها من مشكلة الأحوال الشخصية للأقباط وتعهد بها للكنيسة التي فشل على مدار سنين طويلة في حسم الخلاف في تلك القضايا وعلى الرغم من مدنية الدولة المفترضة إلا انها تحتكم لمؤسسة دينية في سن قوانينها وهو الخطأ الذى تقع فيه الدولة فالقانون ليس مهمته حماية الاخلاقيات الدينية لأن تلك الاخلاقيات مختلف عليها ولكن القانون في الدولة المدنية مهمته حماية الحريات العامة والخاصة ومن أهم الحريات حق تكوين الاسرة وحق ممارسة الجنس فالأصل في الجنس الاباحة وليس المنع و تقييد حريات الأشخاص الجنسية اذا ما تعارضت مع حريات الآخرين وليس اذا تعارضت مع القيم الدينية فالعلاقات الخاصة لا يجرمها القانون فليس من المنطق ان نحكم على شخص وقع في علة الزنا بالعنة الكنسية مدى الحياة ولكن ها هي الكنيسة تمنع حتى حق الانسان في الزواج .
في النهاية الامر موجهه لمجلس النواب فإما ان يصدر قانوناً مدنياً يحتكم له الاقباط وإلغاء الدور القضائى للكنيسة وينتصر للدولة المدنية مع الأخذ في الاعتبار حرية الكنيسة الكاملة في ممارسة طقوسها وصلواتها وعباداتها وأما أن يأخذنا المجلس الى غياهيب الدولة الدينية .. أتوجس خيفة من مجلس النواب .
تعليقات الفيسبوك
أترك تعليقك