الدكتورة مرفت النمر تكتب
انتظرنا بعض الوقت وبعد ارتفاع اسعار قيمة تذكرة مترو الانفاق لكي يظهر المشهد كاملا دون نقصان وكي تتضح الرؤيه التي تنم عن عشوائيه في اتخاذ القرارات وتدل علي افتقاد الرؤيه السياسيه والاجتماعيه الاقتصاديه وانعدام الوعي والضمير والرفق بحال المصريين والظروف الاقتصاديه الرثه التي وصلوا اليها بعد الثورة الذي يحاول البعض ان يجعل منها النكبه التي اطاحت باستقراره, ويكفر كل من آمن بها وباهدافها ويلعن اليوم الذي خرج فيه الي الشارع مطالبا بالعيش والحريه والعداله الاجتماعيه فهناك جهات بعينها تقوم بتسديد الركلات والضربات المتتاليه كوسيلة عقاب جماعي يستحق ان ينالها الشعب لتمرده ونزوله الي الشارع والاعتراض علي نعمة الحياه التي منحتها له الجهات المنوطه والتي تدير رقعه الشطرنج وتحرك القطع فيها كما تشاء ! فقد ظهر اعلان تعبوي بعد الارتفاع الغير مبرر في قيمة التذكره يتحدث بصوت مستفز ليقنع المتلقي بضرورة وحتمية الزياده المقرره وفي سذاجة بلهاء يردد تعال اقولك :اقل سعر تذكرة مترو في العالم في مصر !! تعالي احنا نقولك ان المصري يتقاضي اجره بالجنيه ويتم محاسبته بالدولار! تعالي نقولك ان المواطن المصري يتقاضي اجره بالشهر بينما مواطن الغرب يتقاضي اجره عن العمل مقابل الساعه ! تعالي نقولك ان هناك فئات بعينها من الشعب زادت رواتبها دون وجه حق ورغم اننا دولة فقيرة و رغم غلاء الاسعار ومع رفع الدعم عن المواطن محدود الدخل وهو السواد الاعظم والتي لا يعرف ولا يري نهايه لقصه إلغاء الدعم هذه ولا سقف لارتفاع الاسعار والي اين ؟ تعالي نقولك ان في موظف او مسئول مصري يتقاضي في الشهر الواحد ما يزيد عن 200 الف جنيه بينما المصري الآخر ابن البطة السودا يتقاضي 2000 جنيها عن عمل شهر كامل بالتمام والكمال ! هل المواطن مسئول عن فشل و سوء تصرف وادارة المسئولين عن هذا؟ تعالي نقولك ان لدينا واردات وثروات لم ولن يتمتع بها 80 % من الشعب بالرغم انه من المفترض ان تكون هذه الايرادات موجهه للخدمات التعليميه والصحيه والاجتماعيه والاقتصاديه ولكن ولله الحمد لا شيء من هذه المبيقات لدينا, تعالي نقولك احنا ان عندنا غرامات في المحاكم ومصروفات اداريه وغرامات مرور ومخالفات وطوابع ومصاريف وخدمات بريد وعمولات من دم المواطن علي كل حركه تتم داخل البنوك , تذاكر المستشفيات ,تذاكر الحدائق العامه, تذاكر المترو, تذاكر هيئه النقل العام, كارته الطرق في بوابات الطرق السريعه, ايرادات قناه السويس القديمه والجديده, مصاريف تجديد السيارات والموتوسيكلات وتراخيص السيارات, موارد المحافظات والاحياء, الجمارك, تذاكر عربات المطارات ,الدمغات, معونه الشتاء, تذاكر القطارات, الاعلانات وبانرات الطرق ووسائل الموصلات العامه, ايجارات الاكشاك, قيمه فواتير الكهرباء, والغاز, والمياه, الضرائب المستقطعه من صغار الموظفين, الضرائب العامه, ايرادات الآثار والسياحه, تذاكر الشواطئ, ضريبة المبيعات وغيرها, حيث انه لا جديد ولا تجديد ولم يحدث اي تطوير لكي يرتفع سعر التذكرة من الاساس , فهل من الحكمه ان تنفق الدوله 13 مليار جنيه من ميزانيتها علي مؤسسه الازهر وتقوم برفع تذاكر المترو من اجل 500 مليون جنيه خسارة في العام ؟
يخرج وزير المواصلات بتصريحه التهديدي بأنه سيرحل اذا ألغي قرار زياده اسعار تذاكر المترو كما لو كانت هذه الزياده تصب في جيبه الخاص فلماذا هذا التحدي للشارع والمواطن ؟ هل لأنه مستفيد ؟ ام لارضاء القيادة السياسيه عنه وتركه في منصبه كونه يستطيع ان يعصر ويعتصر المواطن الي ان يخرج آخر ما عنده ؟! ويخرج مسئول آخر ليؤكد أن هناك اقبالا غير مسبوق علي المترو بعد ارتفاع سعر التذاكر ! وهذا يذكرنا بمشهد في احد الافلام المصريه بجمله ساخره (الاقبال النهارده تاريخي وغير مسبوق يا فندم مصر كلها عايزه تركب المترو!) وفي حقيقة الامر اصبح الوضع غير مقبول عندما يخرج وزير النقل ويلوح مهددا باستقالته فنحن نقولها صريحه وواضحه دون خجل او مواربه ! سياده الوزير احنا بنقولك مع الف سلامه وان كنت دقيق في تقديم استقالتك عليك بالرحيل فورا ولنكتف بهذا القدر. الي جانب ثورة الغضب من مسئولي المترو من وسيله المواصلات التي يستخدمها السواد الاعظم من الشعب لخسارته 500 مليون أي نصف مليار ولم ينظروا الي ميزانيه مبني ماسبيرو الذي يحقق خسائر بقيمة 4 مليار جنيها سنويا, ولم ينظر المسئولون الي الخسائر السنويه للصحف القوميه التعبويه, ولم يتدارك المسئولون زيادة رواتب اعضاء مجلس النواب والبدلات والحوافز والجهود والمصايف وبدلات السفر, ولم ينظروا الي زيادة مرتبات القضاه والمستشارين واعضاءات الهيئات القضائيه وزيادة معاشات الوزراء .
وبرغم ان عقد المترو ينص علي ان سعر التذكرة لا يزيد عن جنيه مصري حيث انه من المشاريع القوميه المعمره والذي قد يتخطي ال100 عام وبحسبه بسيطه قد اعدها احد خبراء الاقتصاد : ووفق العقود المبرمه ان تكلفة المترو خط المرج حلوان بالكامل بقيمة 12 مليون يورو وكثافة سكان وركاب خط المرج حلوان حوالي 2 مليون مواطن تقريبا اي ان سعر التذكره لا يتعدي 13 قرشا وبهذا يكون المترو قد سدد ثمن التكلفه بالكامل بعد 15 عاما ! الي جانب تنفيذ خطة لتشغيل 6 خطوط اخري !
السؤال الذي يطرح نفسه كيف يخسر المترو؟ بعمليه حسابيه بسيطه وان كان سعر التذكرة جنيها واحدا في 3 مليون مستخدم في اليوم الواحد معني ذلك ان لدينا 3 مليون جنيه في اليوم اي 90 مليون جنيها في الشهر الواحد يعني ان الدخل السنوي للمترو مليار وثمانون مليون عن كل عام فضلا عن انه وبعد 25 عاما بعد ان اصبح سعر التذكرة 3 جنيهات هذا يعني ان واردات اليوم الواحد 9 مليون جنيه وفي كل شهر 270 مليون جنيها في 12 شهر يكون الدخل السنوي للمترو 3 مليار جنيه وربع تقريبا في العام الواحد, وهذا المبلغ كافي جدا ليغطي مشروع المترو بالكامل الي جانب وضع جزء للصيانه والاصلاحات وقطع الغيار بحوالي مليار جنيه سنويا ويكون هناك فائض 2 مليار جنيه وربع تقريبا يتم صرف رواتب واجور حوالي مليار يتبقي مليار وربع ! الي اين تذهب هذه الاموال وكيف يخسر المترو ؟
ولماذا يخسر المترو ؟ احنا نقولك انظر الي حجم الاجور والحوافز والجهود والبدلات وغيرها من المسميات للساده اللواءات داخل وزارة النقل والمواصلات , بدايه من رئيس الهيئه القوميه للانفاق , مدير عام الامن بالهيئه , مدير عام الشركه المصريه لادارة تشغيل المترو , مساعد رئيس الهيئه للاملاك والاعلانات , رئيس قطاع التنفيذ والمناطق , رئيس الادارة المركزيه للشئون الاداريه بالهيئه وغيرهم وعددهم حوالي 100 لواء !
الي جانب احتكار الدوله لوسيله مواصلات عامه وهامه و ان كانت الدولة وحكوماتها ووزاراتها تري ان المترو متوالي الخسائر ولا يحقق اي ارباح عليها ان تعترف بفشلها وتقعسها في حمايه مقدرات و ادارة المترو وتطرح المرفق كله بحق الادارة والانتفاع للقطاع الخاص لتكون هناك منافسه بين القطاعات لصالح المواطن والحد من الخسائر المتتاليه التي تدعيها الحكومه ! ولكن اصرار الدوله علي احتكار وسائل المواصلات العامه وتمسكها بها برغم الخسائر التي تدعيها فهذا هو الهري والاستعباط الحكومي بعينه !
اللافت في الامر انه عندما ارتفع سعر التذكرة قامت الدوله بإعلان الحالة ج وقامت بنشر قواتها الامنيه داخل محطات المترو وخارجها وكأنها تحاصر العدو المحتل ! وفي حقيقة الامر كان المشهد امام العالم ان الدوله خرجت بافلاذ اكبادها ضد الشعب لمكافحة شغبه ومعني ذلك ان الدوله واعيه لما تفعله من استفزاز متتالي وتقوم بمواجهته امنيا! وبرغم الاسوار الحديديه التي تحيط مصر إلا ان هناك من قام بخلع وتحطيم الحديد في ميدان رمسيس وهذه ظاهرة تستحق التوقف عندها ولابد ان تؤخد في الاعتبار, لقد ضاق صدر المواطن من الحكومه ومجلس النواب وغيرهم وقد اصبحت الحكومات السابقة والحاليه ووزاراتها هي العبء الاكبر علي كاهل الشعب فقد باتت الحكومه ومسئولوها من المسيطرين علي مقدرات الدوله دون ان يتمتع او يشعر بها الشعب .
وبما ان المواطن هو العائل الوحيد والمتحمل اخفاقات وفشل الدوله في ادارة المؤسسات والمرافق العامة يجب علي الدوله ان تكون اكثر شفافيه وتعلن الواردات والمصروفات السنويه من خلال منبر بعينه وبالطبع ليس مجلس نواب الحكومه كونه افتقد كل الثقة وبات مجرد مجلس سكرتاريه للحكومه و حيث ان هذه الميزانيات لا تُعد من الاسرار القوميه أو الحربيه والعسكريه لابد من طرحها علي الملأ لكي يعلم الشعب الي اين تذهب مقدراته وضرائبه المهدرة دون ان يعلم مصادر انفاقها . واخيرا وبعد شائعات غلاء البنزين والطاقه التي يترتب عليها ارتفاع جميع الاسعار هناك جمله واحده لتتذكرها الدوله… جوع وحشك يأكلك .
د/مرفت النمر
تعليقات الفيسبوك
أترك تعليقك