الرهبنة ضد الأنجيل

90

الدكتورة مرفت النمر تكتب :

الرهبنة ضد الانجيل المتفحص في قوانين الرهبنة وأدبيتها يلحظ بما لا يدع مجالاً للشك ان الكثير من الممارسات الرهبانية ضد وصايا السيد المسيح في الانجيل فعلى الرغم من ان الانجيل يؤكد ان المسيحية ديانة فرح وليست ديانة كأبه وحزن نجد عكس هذا تماماً عند الرهبان فقوانين الرهبنة توصى انه ” بكأبة الوجه ينصلح القلب” كذلك يوصى اباء الرهبنة بضرورة النوح والبكاء الدائم على الخطايا فيقول القدیس موسى الأسود: “النوح يطرد جميع أنواع الشرور عند ثورانها” كذلك فإن المسيحية تولد لدى معتنقيها أحساساً بالتمييز الروحى والتفرد وهو ما أكده السيد المسيح بقوله “أنتم نور العالم” الا ان الرهبنة هي دعوه للدونية والوضاعة فيقول برصنوفيوس “يحب أن يحسب الإنسان نفسه تراباً ورماداً” ويقول باسيليوس “أشرف اعمال الرهبنة أن يحتقر الإنسان نفسه دائماً ويرد اللوم عليها” وتنزل الدونية والوضاعة بالراهب الى الدرك الأسفل منها فيقول مار اسحق “اذا انت قلت كلمة في وسط الأخوة وكانت تلك الكلمة حقاً وصوابا ويتفق أن يقوم آخر ويقول كلمة كذب وغير صائبة فانك أن ابطلت كلمتك الصائبة واقمت كلمة اخيك الكاذبة فتكون حكيماً وقد جعلت نفسك جاهلاً من اجل الله” فأى حكمة في ابطال الحق وأحقاق الباطل وهل يسر الله بالجهلاء ؟ الراهب لا يصلح كاهنا يتضح لنا هنا جلياً أن الراهب لا يمكن الاعتماد عليه في رعاية الكنيسة والشعب فهو المقهور جنسياً فكيف يتعامل مع المرأة والكلام معها في ذاته يحرك شهوته كما انه ضعيف أمام الغلمان فكيف يرعى الشباب والأطفال ؟ والراهب يعيش في عالمه الخيالى المليء بالأوهام ورؤى الملائكة والشياطين فكيف له ان يتواصل مع الواقع كما انه هو الشخص الدونى الذى لا يمكن ان يكون أهلاً لأعلى كرامة في الكنيسة وهى كرامة الكهنوت فما بالنا لو كان على رأس الهيكل الكهنوتى في الكنيسة. كسر الرهبنة وفساد الكهنوت لسنا في حاجة بعد الى ان نثبت او ندلل على انه مجرد خروج الراهب من محبسة وصومعته هو كسر للعهد الرهبانى الذى قطعه على نفسه بإعتزال العالم فإن كان الراهب قد استباح لنفسه كسر العهد مع الله فحدث ولا حرج عن أخطاء وخطايا الرهبان في العالم فمن المؤكد بينهم من وقع في زنا او تورط في علاقات محرمة او من سعى الى اكتناز المال بكل الطرق الشرعية وغير الشرعية وبينهم ايضاً من يتطلع لسلطة ولا يمكن لنا هنا ان نحتج بأن العالم محتاج لمثل هؤلاء القديسين لمساعدة المؤمنين على خلاصهم الروحى ففاقد الشئ لا يعطيه فإن كان الراهب الذى نزل الى العالم كسر عهده مع الله ولم يهتم بخلاصه الروحى فهل يهتم بخلاص الاخرين؟ والمأساة هنا ان يكون هؤلاء هم رؤساء كهنة الكنيسة بغير حق او استحقاق فلا عجب ان يتحول الكهنوت على أيديهم لدائرة مصالح و ساحة “بزنس” كبيرة يستغل فيها العامة ويتم تغيبهم لتزدهر وتتنامى “دولة الخصيان” الهروب الكبير من اديرة تتكتم الكنيسة وبشدة على ظاهرة خطيرة انتشرت مع بداية عصر البابا تواضروس الثانى وهى هروب رهبان وراهبات من الاديرة القبطية وغريب الامر فإن هؤلاء الرهبان يقومون بتأسيس أديرة “قطاع خاص” لا تخضع لإشراف الكنيسة وهو ما أكده لنا الانبا ابرام أسقف الفيوم ولكنه حاول التقليل من حجم الظاهرة حيث قال ” الامر لا يتعدى كون ان هناك راهبة من دير الامير تادرس بحارة زويلة عانت من بعض المتاعب فى الدير واستضافها أحد رجال الاعمال فى مزرعته الخاصة بالفيوم لتمارس حياتها الرهبانية والامر لم يصل بعد الى حد الظاهرة ” 25 ديرا قطاع خاص هناك العشرات من الرهبان اللذين فروا من العديد من الاديرة وقاموا بتأسيس أديرة خاصة بهم لا تخضع للكنيسة وأشهر تلك الاديرة هو دير “عمانوئيل ” الذى أسسته راهبة تدعى “حنه” وقامت بدعوة الكثير من الفتيات للرهبنة فى الدير ويقوم الدير بتقديم الخدمات الطبية والمساعدات للفقراء ويقع الدير فى وادى النطرون أشهر منطقة للأديرة فى مصر والعالم كلة والدير ليس الوحيد ولكن هناك ما يقرب من 25 دير خاص على الطريق ” القاهرة ـ الاسكندرية ” الصحراوي أسباب التمرد تختلف أسباب تمرد الرهبان على اديرتها عن أسباب تمرد الراهبات فبالنسبة للرهبان فالأمر يتعلق باتساع نفوذ بعض الرهبان داخل الاديرة وتوغل دوائر مصالحهم فى تلك الاديرة الامر الذى دعا هؤلاء بالاستقلال بالبزنس الخاص بهم عن الدير وأنشاء دير يكون ستاراً يمارسون من وراءه تلك الاعمال أما بالنسبة للراهبات فالأمر هنا مختلف ولا يتعدى كون ان الراهبات يرغبن فى ممارسة حياة رهبانية حقيقية يخضعن فيها للفقر الاختياري وخدمة الاخرين وهو ما لم يعد متوفر فى أديرة الراهبات خاصة وان كل تلك الاديرة داخل مدن فقوانين الرهبنة تحذر أقامه أديرة للفتيات فى الصحراء خارج كاردون المدينة ولكن يبقى لنا هنا سؤال من أين يأتى الرهبان المتمردين بمصادر للتمويل لإقامة أديرة مستقلة؟

د/مرفت النمر

تعليقات الفيسبوك

أترك تعليقك