بقلم د/مصطفي راشد مفتي استراليا
ورد لنا عبر موقعنا على الانترنت مئات الٲسئلة التى تطلب الرأى والفتوى فى موضوع الإحتفال بعيد الأم بعد أن تعالت بعض الأصوات التى تحرم الإحتفال بهذا اليوم، دون أن نفهم العلة والضرر أو السبب فى تحريم هذا الإحتفال ؟ — وللإجابة على هذا السؤال نقول :- بداية بتوفيقً من الله وإرشاده وسعيا للحق ورضوانه وطلبا للدعم من رسله وأحبائه ، نصلى ونسلم على كليم الله موسى عليه السلام ، وكل المحبة لكلمة الله المسيح له المجد فى الأعالى ، وكل السلام والتسليم على نبى السلام والإسلام محمد ابن عبد الله ، ايضا نصلى ونسلم على سائر أنبياء الله لانفرق بين أحدً منهم —————————— ما بعد فالأم تم تكريمها فى كل الأديان السماوية والأرضية بلا إستثناء لدورها العظيم فى حمل وولادة وتنشئة وتربية الإنسان ومدهُ وغمره بالحب والحنان بلا حساب ، فالأم أكثر من يعطى الإنسان دون أن ينتظر المقابل ، وهذا ما يقرره القرآن ويكرره في أكثر من سورة ليثبته في أذهان الأبناء ونفوسهم.. وذلك في مثل قوله تعالى: ( ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير, ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا, حملته أمه كرها ووضعته كرها, وحمله وفصاله ثلاثون شهراً ) سورة لقمان آية14 وايضا فى الآية 23 من سورة الإسراء قوله تعالى (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) والآية 36 من سورة النساء قوله تعالى (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ ) والآية 15 من سورة الأحقاف قوله تعالى (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ) ———— وايضا ماجاء ذكره فى كتب السير والأحاديث ومنها . عن ابى هريرة قد جاء رجل إلى النبي ( ص) يسأله قائلاً: مَن أحق الناس بصحابتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك ) رواه البخارى ومسلم والتاريخ به أمثلة بأخ يقتل أخاه وأب يقتل ابنه ولم نرى أم تقتل ابنها أو بنتها ابداً ، وكما يقول الحديث القدسى ( إذا ماتت الأم نادى مَلَك فى السماء يقول يا ابن آدم مات أول من يحبك وأخر من يحبك ) ونحن نرى أنه لن يعرف قيمة وقدر الأم حقيقةًً إلا من فقد أمه لذا كانت معاملة الأم بالحب وطلب رضاها لا يحتاج لكلام أو طلب من السماء ، لأن الفِطرة الطبيعية دليل دامغ على هذا الحب ، وخلاف هذا المعنى وهذا المفهوم هى شواذ مريضة الفكر والعقل —-، وعلينا أن نعلم أن إحترام الأم وتقديرها والإحتفال بها أمر أقره الإسلام وكل الشرائع السابقة ، ويعتبر “الفراعنة” هم أول الأمم التي قدست الأم، فخصصوا يوماً للاحتفال بها، وجعلوا من “إيزيس” رمزاً للأمومة، وكانت تقام في هذا اليوم مواكب من الزهور تطوف المدن المصرية، وقد رأينا تمثال “إيزيس” وهي ترضع ابنها “حورس” دليلٌ قوي على الحماية والأمومة ، أما من يحرم هذا الإحتفال على إعتبار أن أول من نادى به فى العصور المتقدمة هم رجال الدين المسيحى حيث تقول الرويات أنه في عام 1600 في المملكة المتحدة, قدم رجال الدين مرسوما, يطلب من أرباب العمل أعطاء إجازة للعاملين في هذا اليوم لكي يعودوا إلى أسرهم من أجل تقديم الهدايا و تكريم أمهاتهم,——- وايضا عيد الأم يختلف تاريخه من دولة لأخرى، فمثلا في العالم العربي يكون اليوم الأول من فصل الربيع أي يوم 21 مارس، أما النرويج تحتفل به في 2 فبراير، أما في الأرجنتين فهو يوم 3 أكتوبر،وجنوب أفريقيا تحتفل به يوم 1 مايو. وفي الولايات المتحدة يكون الاحتفال في ثاني أحد من شهر مايو من كل عام. . وعند الشیعة خاصة في إيران مايوافق یوم میلاد السيدة فاطمة الزهراء، بنت النبی ( ص)، یکون عید الام وعید النساء. وقد اُحتفل به بعد “الثورة الإسلامية” فی ایران .. أما في مجتمعاتنا العربية, فيعد الكاتب الصحفي – مصطفى أمين مؤسس جريدة أخبار اليوم ، هو صاحب فكرة تحديد يوم للاحتفال بعيد الأم في مصر, و قد عرض اقتراحه على الناس فى أول عهد الرئيس عبد الناصر ، فتلَقى ردود فعل متناقضة, منها ما أيد وجود مثل هذا اليوم التكريمي للأمهات, و بعضها الآخر الذي رفض الفكرة على أساس أن هذا الموضوع يشغلنا عن العدو فى هذا التوقيت , و بالرغم من ذلك فقد تم التعارف على عيد الأم, و قد أختير يوم 21 مارس لهذه المناسبة, لأنه أول أيام الربيع, و ذلك رمزية إلى العطاء وتفتح الإزهار الشبيهة بعطاء الأم, و كان أول عيد للأم في مصر عام 1956, و منه إنتشر إلى مختلف مناطق الشرق, حتى اصبحت مختلف دول الوطن العربي وبعض دول الشرق تحتفل به في هذا اليوم لذا نقول لمن يحرم الإحتفال بعيد الأم عليكم أن تقرأوا التاريخ ومقاصد الشرع جيداً والأهم من القرأة أن تفهموا ماتقرأوا ، لأن مصطفى أمين كان مسلماً، والإحتفال بالأم هو من صحيح الشرع والعقل والفطرة ولا يتعارض مع الشرع مطلقا بل هو واجب تُحتمه النصوص والمقاصد الشرعية ومن يقول بأنها بدعة نقول له أنه أمر إجتماعى والبدع الحسنة مستحبة فى الحياة الإجتماعية لأنه نوع من البر والتكافل الذى أمر به الشرع ولأن الإحتفال بعيد الأم هو إحسان للأم كما أمر القرآن بذلك فى الآيات السابقة ،لذا نحن نفتى بقلبٍ مطمئن بأن الإحتفال بعيد الأم هو واجب شرعى لأن الإحسان للأم هو أمر قرآنى من ينكره خارج عن الإسلام وابن عاق.
وعلى الله قصد السبيل وإبتغاء رضاه ..
أترك تعليقك